" إنني لم أعكر صفو حياتهم أبداً.. فقط أخبرهم بالحقيقة.. فيرونها جحيماً ..!" هاري ترومان هل كنت مضطراً لسكب الكلمات انتقاداً ..؟!.. كثيراً ما راودني هذا السؤال.. وأنا انتقد بعض التطبيقات الخاطئة للقوانين ذات العلاقة بالشأن العقاري.. أو أستدرك على ما أظنه أخطاءً تشريعية.. أو تناقضاً واضحاً بين القانون ولائحته التنفيذية.. مما يعني تخبطاً.. لا ينجينا منه سوى المحكمة العليا.. التي لم تر النور.. حتى اللحظة ..! لا أخفيكم سراً.. بأن السؤال أعلاه لم يعد مطروحاً أبداً.. ذلك أن أي مسؤول لن يستمع لأيّ هاتف.. إلاّ إذا رآه قويًا صادحاً.. ويتحدّث من موقع لا يصله في العادة إلاّ (كتّاب الصحافة ).. هذا ما تأكد لديّ.. بعدما تشرفت في يوم الأربعاء الماضي 27صفر 1429ه بقراءة رد الدكتور أحمد بن حمد الدليمي (المشرف العام) على إدارة الإعلام والنشر بوزارة العدل.. منافحاً عن الوزارة فيما يظنه تجنياً من قبلي في مقالي السابق (التحكيم.. تجربة لم تنضج ..! ).. والذي أوضحت فيه الرأس الصغير.. لجبل الجليد.. في لائحة التحكيم ..! في علم (الجيولوجيا) يوضّح للدارسين في بداية طلبهم للعلم.. بأن الجبل الجليدي.. لا يظهر منه لأنظار العيان سوى الربع فقط.. مما يعني أن ال 4/3الباقية منه.. تبقى خافية تحت سطح الماء.. وإنه لمما يسعدني أن أكشف عنها اليوم بنقاط مركّزة تبين الحقيقة لمن يريدها : @ رغم ما يتمتع به المحكّم من مسؤولية ضخمة في الأنظمة التحكيمية الدولية.. وفي أنشطتنا الاقتصادية المتزايدة كماً والمتشعبة كيفاً.. ورغم مساندة التحكيم للنظام القضائي (التقليدي) في تحقيق العدالة والوصول إليها.. ورغم احتلال المحكّم لنفس مرتبة القاضي.. أقول رغم ذلك كله فإن اللائحة التنفيذية أو التعاميم اللاحقة لوزارة العدل ..لم تجد من الضروري أبداً.. الالتفات إلى إعداد المتقدم بشكل صحيح وتأهيله قانونياً.. بحيث يصبح محكّماً عادلاً عارفاً بجميع المسائل التفصيلية لكل نزاع.. ومعرفته بالحقوق والآثار القانونية والالتزامات الواجبة عليه..! @ مدد زمنية بعيدة نوعاً ما.. باعتبار تاريخ صدور قوانين التحكيم في دول مثل مصر والكويت.. قياساً إلى صدور نظام التحكيم السعودي ولائحته.. إلا أن وزارة العدل رأت بأن اختراع العجلة أفضل بكثير من تطويرها !.. ولنلق نظرة بسيطة على معايير دولة مثل (الكويت) في الضوابط والمعايير المنظّمة لتصنيف المحكمين المقبولين من قبل لجنة القيد : ولنأخذ مثلاً.. الفئة (ج) وهي أقل الفئات تصنيفاً ..! : يشترط لقيد المحكّم حصوله على : شهادة الدكتوراه - أو شهادة الماجستير بالإضافة إلى خبرة عملية لا تقل عن (5) سنوات - أو شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها بالإضافة إلى خبرة عملية لا تقل عن (7) سنوات + خبرة متخصصة في المجالات الفنية والعملية المطلوبة لا تقل عن (10) سنوات + تطابق التخصصات المطلوب الترشيح لها مع التخصص الأكاديمي ومجال الخبرة العملية المكتسبة + الأخذ بعين الاعتبار الدورات والمؤتمرات والندوات المشارك بها من قبل المحكمين.. وتختص هذه الفئة بالتحكيم في المنازعات التي تكون قيمتها أقل من ( 50000د . ك ).. ! @ لنتجه الآن غرباً.. حيث وزارة العدل السعودية.. لنفاجأ بعضو هيئة تدريس يحمل الدكتوراه في (علم الإعراب).. وقد صنّف محكماً.. ووزع اسمه في جميع إصدارات المحكّمين المتتالية.. والتي توزع إلزامياً في المحاكم الشرعية وديوان المظالم.. ليفصل صاحبنا في نزاعات.. هي بعيدة كل البعد عن (الضمة والشدة والفتحة ).. وجميع ما لم يحط به علماً خارج أسوار جامعته.. فضلاً عن عدم فهمه لإجراءات التقاضي.. أو إلمامه بالعقود المحلية والدولية والقوانين المرتبطة بالتحكيم.. فضلاً عن تأكد الوزارة من عدم قيامه بدراسات أو حصوله على دورات في مجال التحكيم من مراكز تحكيم معتمدة.. أو إلزامه باجتياز اختبارات معدة سلفاً بمعرفة اللجنة للتأكد من إلمامه بالقوانين التحكيمية.. كيف لا نريد لهذا أن يصنّف (محكّماً) وقد وضع في ذيل الاستبانة التي وزعّت على المحكّمين بالفاكس عبارة : الإجابة بخطأ على بعض الأسئلة "قد" يستدعي إجراء مقابلة مع المتقدم ..!! عذراً يا سعادة الدكتور ولكن.. يبدو أنك خلطت بين (الخبير) الذي نصت المادة (134) من نظام المرافعات على أن رأيه لا يقيّد المحكمة وإنما تستأنس به فقط.. وبين (المحكّم) الذي يكتسب الحكم الصادر منه صفة الإلزام والنهائية.. الممزوجة بقوة النفاذ الفوري ..! إنني أحوج ما أكون يا سعادة الدكتور.. إلى (رد محكم) من قبلكم يثري ذهني ويوقد عقلي.. ويشعرني أنا وأنتم بالانتماء إلى قضية صادقة.. متمثلة في قوانين رائدة.. ولوائح تنفيذية دقيقة.. ووطن يحتل قمة الدول ..! كان يجب أن تتلقى الحقيقة.. حيّة تنتفض.. مختلطة بأموال أصحابها.. مغمّسة بمشروع لائحة يجب أن تُراجع.. أجبتك بما يحضر في ذهني.. فإن كانت إجابتي نيئة.. فإني أعدك بأن أنضج ما قلته على نار هادئة ..! @الباحث في أنظمة العقار [email protected]