؟ حول استقالة الأدميرال فالون من منصبه، كتب توم شانكر تقريراً نشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان "تقاعد قائد قوات الشرق الأوسط بعد إغضاب الرؤساء" أورد فيه إعلان البنتاغون عن تقاعد الأدميرال ويليام فالون، قائد القوات الأمريكية بالشرق الأوسط والذي يبدو أن تصريحاته الصريحة حول إيران وغيرها من القضايا قد أغضبت الإدارة الأمريكية. وكان الأدميرال فالون قد أغضب كبار المسؤولين بإدارة الرئيس بوش بتعليقاته التي أكدت على ضرورة اللجوء للحلول الدبلوماسية مع إيران بدلاً من الحلول العسكرية، وناصرت سحب المزيد من القوات الأمريكية من العراق، وألمحت إلى أن الولاياتالمتحدة قد تغاضت عن المهمة العسكرية بأفغانستان، وهو ما ترك الانطباع لدى المسؤولين بأن "لديه سياسة خارجية مخالفة لسياسة الرئيس." وكان الأدميرال فالون، الذي تولى القيادة المركزية منذ عام واحد، قد صرح بأن "بعض التقارير الصحفية قد أوحت بخلاف بين أرائي وأهداف السياسة الخارجية للرئيس بوش، وبالتالي أصبحت عائقاً أمام جهوده في المنطقة". وقد أعلن وزير الدفاع روبرت غيتس نبأ تقاعد فالون بقوله انه قَبِل طلب فالون بالتقاعد بمزيج من "الرفض والأسف" . كما أصدر الرئيس بوش تصريحا يثني فيه على فالون، لكنه كان اقل حرارة من تصريحاته السابقة عن معاونيه، امتدح فيه فالون بقوله إنه خدم بلاده "بشرف وعزم والتزام، ويستحق أن ينسب إليه الفضل في التقدم بالعراق وأفغانستان. ويؤكد الأدميرال فالون في تصريحه الذي صدر عبر القيادة أنه لا يعتقد "بوجود اختلاف بين أهدافنا للسياسة الخارجية"، إذ أن تصريحاته كانت لا تخرج عن فلك تصريحات روبرت غيتس، وزير الدفاع، ومايك مولين، رئيس اركان القيادة المشتركة. إلا أنه لا يمكن إنكار أن رحيل فالون المبكر يعود إلى ما بدا اختلافات سياسية بينه وبين الإدارة حول العراق وإيران، حيث اختلفت آراؤه مع الجنرال ديفيد بيترايوس قائد القوات الأمريكية بالعراق، صاحب الحظوة بالبيت الأبيض. ورداً على السؤال عما إذا كان تقاعد فالون يعني اقتراب الحرب على إيران، قال روبرت غيتس "إنه أمر سخيف." ثم يوضح الكاتب اتفاق العديد من كبار القادة العسكريين مع الأدميرال فالون في أن أية حرب مع إيران قد تأتي بنتائج غير متوقعة ولا مرغوبة بالعالم الإسلامي، لكنهم يرون أيضاً أن تقاعده هو الحل الأمثل بعدما فقد ثقة رؤسائه المدنيين. ويعزو البعض مقال مجلة إسكواير بأنه كان القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ أن هذا المقال ألقى الضوء على الحديث الذي أجراه فالون مع قناة الجزيرة العربية والذي قال فيه إن التهديد الأمريكي لإيران بالخيار العسكري "ليس مساعداً ولا مفيداً. أتوقع ألا تحدث حرب، وهذا ما يجب أن نعمل عليه، وأن نبذل قصارى جهدنا لتغيير الأوضاع"، وهذا ما تروج له الإدارة الأمريكية من أنها تفضل حل الخلافات مع إيران بالطرق الدبلوماسية وجعل الخيار العسكري هو الملاذ الأخير. أما تعليق الديمقراطيين على تقاعد فالون فجاء على لسان سيناتور هاري ريد بقوله إن هذا التقاعد "مثال على أن الاستقلالية وإبداء الخبراء أراءهم بصراحة ووضوح ليس مقبولاً في تلك الإدارة." ثم يختتم الكاتب التقرير بقوله إنه بالرغم من شهرة الأدميرال بشدته مع مرؤوسيه، فقد اشتهر أيضاً بمفاوضاته الدبلوماسية مع الدول الصديقة والدول ذات العلاقات الشائكة مع أمريكا. وحول نفس الموضوع، كتب ماكس بوت، عضو مجلس العلاقات الخارجية، مقالاً نشرته صحيفة لوس انجلوس تايمز تحت عنوان "فالون لم يدرك" تحدث فيه عن تقاعد الأدميرال ويليام فالون رئيس القوات المركزية الأمريكية بالشرق الأوسط مستعرضاً مقال مجلة إسكواير الذي كان سبباً في هذا التقاعد. إذ أن كاتب المقال توماس بارنيت، الأستاذ السابق بكلية الحرب البحرية، قدم صورة ودودة للأدميرال مثلما فعل مع دونالد رامسفيلد من قبل، لكنه لم يقدم أدلة على ذكاء فالون الاستراتيجي. فعلى سبيل المثال قدم بارنيت محاولة فالون لنبذ فكرة الحرب الطويلة دون أن يوضح كيف سيمكنه هزيمة الأعداء وإنهاء تلك الحرب بين عشية وضحاها؛ إذ أن مقترحات فالون بخفض عدد القوات الأمريكية بالعراق الآن وتسليم جيش أفغانستان الوطني مسؤولية بلاده هذا العام لن تُسفر عن النتائج المرجوة من تقصير مدة الحرب، ولكنها ستؤدي إلى إطالة المدة. ولكن، يضيف المراسل الأمريكي، أن مالم يدركه فالون أو بارنيت هو أن تأكيد فالون العلني بأن أمريكا لا تنوي القيام بخطوة الحرب ضد إيران سيقوي شوكة الملالي بإيران للقيام بتخصيب اليورانيوم وصنع الأسلحة النووية ودعم الجماعات الإرهابية التي تقتل الجنود الأمريكيين بالعراق وأفغانستان. فطبقاً للمقال فإنه من غير الوارد أن يقود الرئيس بوش حرباً ضد إيران، لكنه يريد أن يواصل الضغط عليها، وهذا ما يقوضه فالون دون أن يدري، مما قد يقود إلى حرب فعلية مع إيران. ثم يواصل الكاتب تفنيد مقال بارنيت الذي ادعى أن قرار تعيين فالون لقيادة قوات الشرق الأوسط جاء استجابة لرغبة الرئيس بوش ووزير دفاعه روبرت غيتس في مراقبة الجنرال ديفيد بيترايوس قائد القوات الأمريكية بالعراق، إذ أن بيترايوس هو الذي قاد النصر في العراق وحمى القوات الأمريكية من الوقوع عن حافة الهزيمة، ولذا ليس من المنطقي أن ترسل الإدارة من يراقبه أو يكبح نجاحه. ويرى الكاتب أنه ربما كانت تلك وجهة نظر فالون أو بارنيت ولكنها ليست وجهة نظر الإدارة الأمريكية، إذ أن فالون كان معارضاً للتصعيد العسكري منذ البداية ولم يغير رأيه بعد نجاح التصعيد وأصر على سحب المزيد من القوات الأمريكية فوراً من العراق معارضاً بذلك رأي بيترايوس الذي يرى ضرورة التمهل في سحبها. ثم يوضح الكاتب المزيد من آراء فالون بأن الحرب في العراق تلهي عن تكوين السياسة الشاملة للشرق الأوسط، في حين أن السياسة الوحيدة الناجحة هي أن تنتصر أمريكا في حرب العراق حتى يمكنها تحقيق باقي أهدافها في المنطقة، والتي سيكون من المستحيل تحقيقها في حالة هزيمتها أو انسحابها، وهو ما يدركه بيترايوس ومساعده راي أوديرنو. ثم يختتم الكاتب المقال بقوله إنه يأمل في أن يكون خليفة فالون أكثر إدراكاً للموقف في الشرق الأوسط، فمن حق الرئيس، أي رئيس، أن يكون قائد قواته المركزية متفقاً مع سياساته الخارجية لا أن يسعى لتقويضها. (A.C.T)