إذا كان حوالي 15% من الطلاب الجامعيين العرب يبدلون موضوع دراستهم الجامعية بعد السنة الأولى نتيجة الصعوبة والتخبط اللتين ترافقان البعض في اختيار التخصص في المراحل الجامعية .. فما هو حال اختيارات الطلاب الجامعيين في المجتمع السعودي؟ وجد الباحث السعودي "فيصل هويصين الشلوي" في دراسة علمية أجراها عن العوامل المرتبطة باختيار التخصص لدى طلبة البكالوريوس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، إلى أن العوامل الشخصية "التي هي الرغبة الشخصية في هذا التخصص، والاعتقاد بأنه الأفضل لمستقبله" كانت من أكثر العوامل ارتباطاً باختيار التخصص لدى هؤلاء الطلبة، يليها العوامل المهنية "وتعني توفيره لفرص عمل بعد التخرج، حاجة السوق له، ازدياد الطلب عليه مستقبلا"، ثم العوامل الأكاديمية "المتضمنة مقدرة التخصص على تشجيع التفكير"، بينما كنت العوامل الاجتماعية "وتعني أهمية التخصص في المجتمع، ومقدرته على تحقيق مكانة اجتماعية مناسبة لصاحبه مستقبلا" أقلها ارتباطاً باختيار الطلاب يليها العوامل الأسرية "التي تعني الرغبة في تحسين المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة" . وأوضح الشلوي، وهو من كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام، في دراسته أن اختيار التخصص الجامعي في العديد من المجتمعات العربية، بما فيها المجتمع السعودي، تعد قرارا هاما في حياة الفرد ويتوقف عليه العديد من النتائج اللاحقة التي تؤثر في مستقبل الشخص الاجتماعي، والمهني، إلا أن هذه الاختيارات ما تزال للعشوائية، وتدخلات المحيطين بالفرد من أقارب وأصدقاء، ومعارف، والاعتقاد بتدخل الوساطة للالتحاق بالتخصص، وعدم المعرفة بمجال العمل الملائم للقدرات، وعدم الوعي بالتخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وعدم القدرة على اختيار التخصص المناسب. هذا بالإضافة إلى ما تفرضه الجامعات من شروط ومعايير مقيدة مثل المجموع أو المعدل التراكمي أو ما شابه ذلك- تحد من فرص تحقيق الطلاب لرغباتهم أو تدفع بهم إلى الالتحاق بتخصصات أخرى خارج محيط رغباتهم . وقد أثبتت هذه الدراسة أن المجتمع السعودي لا يعد استثناء، فهؤلاء الطلاب يجدون صعوبة كبيرة في تحديد التخصصات الجامعية، فحين استخدم الباحث استبانة خاصة لجمع بيانات الدراسة من عينة عشوائية بلغ عددها 142طالباً، اتضح وجود فروق ذات دلالة إحصائية للعوامل المرتبطة باختيار التخصص لدى طلبة البكالوريوس في جامعة الإمام تعزى للتخصص الثانوي، والتقدير في الشهادة الثانوية، والمستوى التعليمي للأب، ودخل الأسرة الشهري . وكان من أبرز توصيات الدراسة ضرورة توعية الطلاب بأن الاختيار عملية استثمارية ممتدة وتترتب عليها نتائج مستقبلية هامة، وليست عملية وقتية تهدف لتحقيق الأهداف الشخصية فقط . كما أوصى بالتركيز على تفعيل دور المدرسة متمثلة في المديرين والمدرسين والمرشدين في توعية الطلاب وإرشادهم ووضع البرامج المناسبة والتي تعمل على تهيئتهم للمرحلة الجامعية، بالإضافة إلى ضرورة أن تؤدي الأسرة دورها في إعداد وتهيئة الطالب لمرحلة هامة من حياته وتحديد مستقبله العلمي والمهني من خلال توعيته بالفرص والمجالات المتاحة والتي تتناسب مع قدراته واستعداداته وميوله . ولفتت الدراسة النظر إلى ضرورة الاهتمام بإجراء المزيد من الدراسات التطبيقية لهذا الموضوع بصورة مستمرة، وأن تقدم وسائل الإعلام دوراً هاماً في التعريف بالجامعات والتخصصات المتاحة والمستقبل المهني لها، كما يجب أن تقوم بدور إيجابي في تنبيه وتبصير المجتمع ومؤسساته بأهمية أدوارهم في هذا المجال .