يعد مسجد عقبة بن نافع من اعرق المساجد الاسلامية واقدمها.. ولا يكاد يذكر اسم القيروان في تونس حتى يقفز اسم عقبة بن نافع الى الأذهان.. فهو المؤسس لهذه المدينة الكامنة بعيداً عن السواحل في منطقة اختارها عقبة بن نافع عند وصوله الى ارض تونس لتكون في مكان يصعب على الاعداء الوصول اليه سواء ممن كانوا يسكنون الجبال من سكان البلاد انذاك.. او عن طريق البحر خاصة الرومان الذين كانوا يسيطرون على البحر انذاك.. وقد اكد اختيار عقبة بن نافع لهذه المدينة بعد نظرة وحنكته الأمر الذي ساعده فيما بعد على تثبيت وجوده في شمال افريقيا ومواصلة فتوحاته للمناطق الميحطة بها. من منطقة مهجورة الى حاضرة نابضة بالحياة @ لم تكن القيروان قبل وصول عقبة بن نافع لها مأهولة بالسكان.. لأنها كانت مليئة بالوحوش والهوام مما جعلها مهجورة وموحشة.. وقال المسؤول السياحي التونس عن منطقة القيروان بأن عقبة رضي الله سأل ربه ان يخرج الوحوش والهوام من جوارهم وقد استجاب الله عز وجل لدعوة عقبة بن نافع.. وخرجت الوحوش والهوام لا تلوي على شيء.. واصبحت المنطقة آمنة ولم تمض الا فترة حتى اصبحت مأهولة بالسكان.. واحدى الحاضرات الاسلامية في الشمال الافريقي.. وتحولت فيما بعد عاصمة للأغالبة منذ عام 800من الميلاد حيث عمروا تلك المدينة.. واقاموا فيها الكثير من القصور والقلاع والحصون واحاطوها بسور منيع.. ووسعوا مسجد عقبة بن نافع.. وبنوه بطريقة تحاكي العمارة الحديثة آنذاك والتي تزينها النقوش وتحليها الأقواس والقباب.. وقد حافظت القيروان بشكل مفرح ومثير للإعجاب على الكثير من مبانيها القديمة التي مضى على بعضها اكثر من ثمانية قرون.. وتمتد حول المسجد وتحيط به احاطة السوار بالمعصم.. حيث يعتبر مسجد عقبة بن نافع سرة المدينة وقلبها النابض الذي تلتف حوله وتستمد منه القها وقيمتها. من خلال جولة في المدينة القديمة في القيروان تحس ان كل ما حولك يتنفس تاريخاً وان كل حجر، وكل زاوية، وكل انعطافة، وكل شرفة منزل وقبة مسجد او ضريح تختزن داخلها الكثير من العهود والحقب والممالك التي مرت بالمدينة وسجلت العديد من بصماتها.. فمن خلال تلك الجولة تقف على الكثير من الآثار والمساجد ذات القباب المزينة بالزخارف التي تجمع بين العمارة العثمانية والاندلسية.. وسيقودك تجوالك عبر ازقة المدينة العتيقة الى بئر بروطة القديم لتقف لحظات تشاهد ذلك الجمل الهرم وهو يدور حول البئر لإخراج الماء العذب من الاعماق في جرار حيث يصب منها الماء في انية من النحاس (مغاريف) ويوزع على السياحة الذين يتجمعون حول البئر لمشاهدة ذلك الجمل وهو يستمع للأوامر المكلف به فاذا امره ان يدور تحرك.. واذا امره ان يقف وقف.. وتشاهد في جولتك الكثير من المباني العتيقة والاضرمة، والفسقيات التي بنيت في عهد الاغالبة لجمع مياه المطر. اول منبر للإسلام في شمال افريقيا @ يعتبر مسجد عقبة بن نافع اول مسجد يرتفع على منبره نداء الحق.. ليعلن مولد عهد جديد في تلك البلاد التي لم يكن الاسلام قد دخلها بعد. وقد صعب على عقبة بن نافع ان يحدد القبلة للمسجد ولكن حيرته لم تطل حيث سمع هاتفاً من السماء عند صلاة الفجر يردد الآذان.. فاتجه صوبه وعندما وصل الى مكان معين انقطع صوت الآذان فعرف ان هذا اشارة لموقع القبلة.. فركز رمحه.. وبدأ بناء المسجد من الجريد، واقام المنبر.. وظل على هذه الحال حتى جاء الاغالبة في العهد العباسي فأعادوا بناء المسجد واقاموه على ستمائة عمود من الرخام كل عمود بلون مختلف عن الآخر منها 250عمودا داخل المسجد وثلاثمائة وخمسون عموداً في فناء المسجد وكل عمود يعلوه تاج بنقوش في غاية الإبداع.. وقد جلبت هذه الأعمدة من القصور الرومانية. ومنبر المسجد الحالي يقف علي عمودين من الرخام يقال انهما من المرجان المتحجر.. ويقع خلف المنبر الموجود حالياً المنبر الذي اقامه عقبة بن نافع.. والى جواره منبر خشبي خاص بالخطيب في صلاة الجمع والاعياد وهو مصنوع من خشب نادر جلب من الهند وعليه نقوش وايات قرآنية ويزيد عمره عن 800عام. لقد استطاعت القيروان اول حاضرة اسلامية في الشمال الافريقي ان تحافظ على الكثير من معالمها الاسلامية.. ويحيط بالمدينة القديمة سور من الحجارة يزيد طوله عن ثلاثة كيلو مترات وتقع داخله العديد من الاثار الاسلامية النادرة.. حيث تستعد القيروان لتكون عاصمة للثقافة الاسلامية في عام 2009م.. وتعد لذلك احتفالية خاصة تعيد الى الأذهان مكانة وقيمة هذه المدينة الودودة المليئة بالكثير من الاسرار.