تشهد المنطقة العربية حالياً خطر احتمال اندلاع حرب اقليمية جديدة في أية لحظة، جاء ذلك في تقرير تم نشره في عمان العاصمة الأردنية. أكد التقرير خطورة الأوضاع بسبب تداعيات الملف اللبناني، والملف العراقي والملف الفلسطيني والملف الإيراني والملف السوري، وكلها تؤكد بأن العام الحالي لن يمر بسلام على الإطلاق، لأن هذه الملفات الخمسة مرتبطة بعضها ببعض، ولا أحد يستطيع أن ينفي اندلاع الحرب في أية لحظة، أو من أين ستبدأ هذه الحرب لتصبح حرباً اقليمية تشمل كل اقليم الشرق الأوسط. أكد التقرير أيضاً بأن إسرائيل تهدد باجتياح قطاع غزة والقضاء على حماس، وتل أبيب تفكر في ذلك، وان كانت المعلومات المتسربة من مكتب وزير الدفاع أيهود باراك بأن هناك خطة وضعت لضرب سوريا ولبنان وإيران، وتبرر هذه الحرب الإسرائيلية بدوافع عديدة منها ترسيخ وجودها في مرتفعات الجولان السورية، واعادة اعتبارها في لبنان بعد فشلها في حرب يوليو الشهيرة على يد حزب الله، وقبل هذا وذاك القضاء على حماس في قطاع غزة لتفرض على فلسطين بعد ذلك ما تريده من تبعية مقننة لإسرائيل ثم تنفرد في النهاية بإيران التي تشكل عدواً لدوداً لإسرائيل ومنافساً قوياً لها في اقليم الشرق الأوسط. الموقف يتناقض مع الارادة الإسرائيلية لأن حزب الله في لبنان يهدد بالرد على إسرائيل في حال اقدامها على العدوان ضد لبنان، وهذا الرد يؤدي الى رد معاكس تريده وتخطط له إسرائيل لشن حرب واسعة تشمل لبنان الذي تريد الانتقام منه، وسوريا التي تريد البقاء الأبدي في مرتفعات الجولان، وفلسطين الذي ترمي الى تمزيقه لتفرض عليه ارادتها بعيداً عن المواثيق الدولية، والعراق الذي يظل في حالة توتر بعد تمزيقه مذهبياً بين السنة والشيعة، وإيران التي يجري التخطيط السري لضربها حتى لا تواصل الاستمرار في خطتها الرامية الى انتاج السلاح النووي وقد مهد لذلك بقرار مجلس الأمن القاضي بفرض العقوبات على طهران على الرغم من نفي انتاجها السلاح النووي منذ عام 2003م. يتضح من ذلك ان كل الأجواء تقود الى اندلاع حرب اقليمية شاملة في الشرق الأوسط وان بدأت فلن تتوقف لأن الملفات الخمسة الساخنة في المنطقة مرتبطة بعضها ببعض..بطريقة يصعب فك عقدها حيث يشهد لبنان نزاعاً داخلياً قد يقضي على التركيبة السياسية والطائفية التي كانت سبباً في التوازن اللبناني لسنوات طويلة، وسوريا مستعدة لمقاومة كل الضغوط عليها ولكنها لا يمكن أن تتنازل عن الورقة اللبنانية مما يجعل من مصلحة دمشق استمرار الفراغ السياسي والدستوري في لبنان لأنها لا تضمن في ظل الظروف الراهنة وجود حكم لبناني موال لدمشق، وفي ظل هذه الأوضاع التي استمر فيها الفراغ السياسي لا يوجد ضمان في انتخابات بلبنان مما قد يؤدي الى سقوط البرلمان وكل المؤسسات الدستورية، والعراق يشهد نزاعاً آخر بسبب انشطاره بين السنة والشيعة وهو أمر مستجد في العراق جاء من بعد غزو أمريكا له في عام 2003م حيث كان العراق قبل ذلك لا توجد به فروق اجتماعية بين السنة والشيعة إلى درجة التزاوج فيما بينها.. وفي فلسطين نزاع رابع بين حماس وفتح وهذا النزاع صناعة أمريكية إسرائيلية مشتركة بهدف إعطاء تل أبيب حرية الحركة على الأرض الفلسطينية لتفرض عليها ما تريده من اشكال سياسية تحصل منها دولة كبرى في الشرق الأوسط وتحول الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية إلى مجرد حكم ذاتي تحت مظلة إسرائيل وتطلق على إقليم الحكم الذاتي الدولة الفلسطينية.. كل هذه التحركات الإسرائيلية الأمريكية في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ترمي إلى فك الروابط القائمة بين طهران وبيروت ودمشق وبغداد والفلسطينيين تمهيداً للدخول في حرب اقتصادية في البداية وربما تصبح حرباً عسكرية بكل أخطارها على العالم ضد إيران. تعيش منطقة الشرق الأوسط أسوأ حالاتها من الانقسام والتوترات الداخلية التي تدرك الاستهداف الخارجي ضدها، فإن كل ملف من الملفات الخمسة قابل للانفجار في أية لحظة وأن يمتد بآثاره الخطيرة إلى كل أرجاء اقليم الشرق الأوسط، ويرتبط هذا الخطر بإمكانية نشوب حرب كبرى في المنطقة تبدأ لأتفه الأسباب ويتعذر وقفها بعد اندلاعها، ومن المؤكد أن أطرافاً إقليمية ودولية ستشارك في هذه الحرب، ولن تبقى حكراً على الأطراف الخمسة ومواجهتهم واحداً بعد الآخر مع إسرائيل لأن هذه الحرب تخفي خلفها الحرب من أجل البترول وكل عنوان آخر لها هو عنوان مصطنع لهذه الحرب الكبرى التي يصنفها خبراء عسكريون وسياسيون بالحرب العالمية الثالثة إذا اندلعت في هذا الوقت وامتدت بنتائجها وأطرافها المتحاربة. إن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وتسلط العالم على الأوضاع فيه هو في حقيقته صراع بين الحضارات يعبر عن الخلاف والتناقض بين الشمال والجنوب، وهذه النظرة الشمولية إلى الحرب تجعل كل التفاصيل المتعلقة بالكيانات المتحاربة مجرد تسميات وتبريرات لحرب طاحنة ذات أهداف تتعدى النطاق الإقليمي للشرق الأوسط، انها في حقيقة الأمر حرب كاسرة من أجل التصفية النهائية لهذا الصراع المستمر منذ مئات السنين بين الشمال والجنوب وبين الأديان، ونجد اليوم كيف تدير كل الأطراف حروبها من الباطن بتكليف غيرها القيام بها نيابة عنها ولكنها تجد نفسها مضطرة اليوم إلى التدخل مباشرة ورمي النقاب والكشف عن الوجه بعد أن أصبحت ملفات لبنان وسوريا والعراق وفلسطينوإيران مجرد وقود لهذه الحرب الكبرى بين الحضارات ويأمل الغرب الانتصار فيها لتظل القوة الدولية محصورة في يد الدول الغربية. إذا انفجر الوضع في إقليم الشرق الأوسط فإنه سيحرق كل شيء به وسيفرض عليه إرادة واشنطن وتل أبيب والمخرج من كل ذلك يتطلب وقوف دول الإقليم مجتمعة ضد اندلاع هذه الحرب ضد الدول الخمسة المستهدفة.