"من الصعب أن اطمئن لقطعة من الحديد تحلق بي في السماء" هكذا اختصر ابراهيم الشمري مسببات عدم ركوبه الطائرة، وزاد على ذلك بقوله "لا أعرف كيف يستطيع البعض ان يركب الطائرة بكل برود" ورغم تلك القناعة بمخاطرة ركوب الطائرة الا ان الشمري يعترف بتعطل الكثير من مهامه الوظيفية والاجتماعية بسبب هذا الخوف. ويقف الخوف من ركوب الطائرة عائقا امام الكثير من الناس في انهاء أعمالهم ومهامهم فضلا عن تحقيق طموحاتهم التي تتخذ من السفر طريق عبور لذلك الهدف، هذا الخوف يرتفع مستواه عند البعض ليصل الى أقصى درجاته "فوبيا" والتي تعني "الخوف غير المبرر من اشياء لا تثير الخوف بطبيعتها". وعادة ما يواجه الأفراد الذين يخشون ركوب الطائرة لحظات عصيبة في المطارات وعند حجز التذاكر وحين صعود الطائرة مما يجعل بعضهم يفضل الرجوع والغاء السفر كما ان منهم من يساهم في تعطيل الرحلات ومضايقة المسافرين بل واضفاء الخوف على المسافرين الذين يتمكنون من السفر لكن بظروف نفسية. فهد المحمدي يصف خوفه من ركوب الطائرة بالشيء الغريب، فهو كثيرا ما يقوم بحجر مقعده في الطائرة لكنه ما يلبث ان يعتريه الخوف ويقوم بالخروج من المطار والعودة للمنزل ومن ثم ركوب السيارة والاتجاه نحو المدينة المقصودة برا. اما مشاعل العويد فرغم تعودها على ركوب الطائرة الا ان "الفوبيا" سيطرت عليها فجأة وبلا مقدمات، وتظن العود ان استماعها للأخبار باستمرار وتركيزها على حوادث الطيران كانت سببا رئيسيا لذلك الخوف، ورغم محاولاتها المتكررة في التخلص من هذه الفوبيا الا ان العويد تقول "مللت من المحاولة وكنت اتجنب الوصول لمرحلة تناول الحبوب المخصصة لهذا الخوف، لكنني سأتناولها على أية حال لتسير امور السفر لدي بشكل طبيعي". محمد السبيعي استطاع أكثر من مرة كسر حاجز الخوف لكنه فشل في مرات عديدة. ويشير في تجربته مع الخوف من ركوب الطائرة انه استطاع رغم رهبة اللحظات الأخيرة التخلص من القلق عن طريق توقع السيناريو الأسوأ وهو الموت وانتهاء العالم، ويوضح ان العنصر الذي يزيده ثباتا اثناء تحليق الطائرة هو تمتع المضيفات بتصرفات عادية مشيرا الى أنه يراقبهن مراقبة دقيقة كل خمس او عشر دقائق ومتى ما وجدهن في حالة طبيعية زادت ثقته بنفسه وبأن الطائرة تسير بوضع طبيعي. وفي هذا الصدد يصف الكويتي الدكتور خالد المهندي رئيس فريق الخوف من الطيران فوبيا ركوب الطائرة بأنها ظاهرة عالمية زاد من تفيشها حوادث الطيران لا سيما احداث الحادي عشر من سبتمبر. وحتى تستطيع أن تسيطر على خوفك من ركوب الطائرة يقدم المهندي عددا من الخطوات منها: 1- واجه الخوف وحاول ان لا تهرب من الموقف الذي انت فيه، عن طريق "الغاء الحجز" او الخروج من الطائرة.. الخ من أنواع الهروب. 2- عندما تنتابك المخاوف من الطيران ابدأ بالعد الى العشرة على مهلك وببطء وأمرها ان تذهب عن تفكيرك، وانفخ هواء الزفير خارج صدرك مع العد. 3- شجع نفسك عندما تتغلب على أية نوبة من نوبات الخوف من الطيران كأن تقول لنفسك (أحسنت، جيد، استمر.. لا تتوقف لن يحدث شيء). 4- فكر في التقدم الذي حققته على الرغم من الصعوبات التي واجهتها وفكر بالمتعة والراحة التي ستحصل عليها عندما تنجح في التغلب على مخاوفك من الطيران. 6- سوف تشعر بالخوف دون شك حين تنوي السفر بالطائرة، توقع هذا وحاول ان تجرب خوفك لأبعد مدى تستطيعه حين يأتي اليك وانتهز الفرصة لتتغلب عليه واحذر ان تهرب منه. 7- بعد هذه الخطوات سوف تلاحظ ان الخوف يبدأ في الابتعاد بعد "20" دقيقة واذا هربت منه يختفي جسميا وذهنيا ولكن يزداد في نفسك وفي المرة القادمة تحتاج الى جهد مضاعف في المواجهة حتى تتغلب عليه، فقط تحتاج الى أن تبقى في مكانك حتى تهدا ويتلاشى هذا الخوف، راقب هذا الخوف وهو يقل تدريجيا مع مرور الوقت. ويشير المهندي الى اننا لا نستطيع القضاء على الخوف.. لكننا نستطيع ان نتعايش ونحيا معه حتى يصبح امرا طبيعيا، وبذلك تكون لدينا مهارة مواجهة المخاوف التي قد تأتي من اشياء أخرى غير الطائرة.