إن الإعلان الذي يروج لمستحضرات جنسية مخصصة للرجال لم ينشر في صحف إحدى الدول الفقيرة الافريقية أو الشرق آسيوية، وإنما ينشر ومنذ بضعة أشهر - وبصفة مستمرة - في عدد من الصحف الدعائية المحلية.. حيث تدعي الشركة المنتجة أنها منتجات طبيعية وتساعد على تحسين الصحة الجنسية!! وأتعجب من هذه الجرأة لدى بعض المؤسسات في تجاوز الأنظمة والتلاعب إلى هذا الحد، فما يشير إليه الإعلان يحمل ادعاءات طبية واضحة، ولا سند علمي له، اضافة إلى أن النظام في مثل هذه الحالة يمنع الإعلان عنه. ولخطورة الوضع، ونتيجة لهذا النوع من الجرأة الصارخة لتلك الشركات وأساليبهم في الخداع، كان لزاماً أن توجد مواجهة بنفس الوضوح والشفافية من قبلنا أيضاً كمختصين وكأفراد!!، وحتى لا نتهم بأننا أناس مغفلون ينجرفون وراء تلك الادعاءات المضللة.. لنأخذ مثالاً آخر لمثل هذه الادعاءات لمستحضرات ومنتجات ذات طابع دوائي طبي، ففي إعلان آخر تتبرع عدد من المؤسسات لتقديم حلول سريعة لبعض المشاكل النسائية، وبكل يسر وسهولة.. وشركات أخرى تقدم علاجاً فعالاً لتخفيف خمسة كيلوات (على الأقل) من الوزن في أسبوع.. أما علاج الصلع فحدث ولا حرج فقد اكتشف العديد من تجارنا علاجاً فعالاً للصلع!!.. وليس ذلك فحسب، فهو من نوع ( 3في 1)، حيث يكثف الشعر، وربما يزيده نعومة ورونقاً، بل ويتفنن بعضهم في وضع صورة دعائية لفتاة تمتلك شعراً بطول بضعة أمتار فقط!!.. فهل بعد هذا استخفاف بعقول الناس، ثم كيف يُسمح بهذا الامتهان الفج، والعبث بمشاعر الناس، واستغلال حاجتهم وأوضاعهم الصحية.. أما عن الأسعار فهذا من باب آخر فكلما زادت خصوصية المستحضر وحساسيته، كلما زاد السعر!! فكريمات تبييض البشرة وتفتيحها وتنعيمها لا تتجاوز المائة ريال، أما بعض الأدوية الأخرى فيصل إلى 250ريالاً، أما أصحاب المنتجات ذات الثقافة الجنسية فلم يكشفوا عن أسعارها في الإعلان.. ولا أدري أين موقع وزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى للحد من هذه الإعلانات غير المشروعة التي تتلاعب بعواطف الرجال والنساء وفي قضايا حساسة.. ثم لا أعلم ما هذا التناقض الذي تعيشه الوزارة، ففي حين انها تحمست كثيراً فمنعت ممارسة الحجامة، وذلك من باب سد الذرائع، وخوفاً من انتقال العدوى (في وجهة نظري انها أخطأت الطريق فالمفترض منها تقنين الحجامة وليس منعها، كما هو الحال في العديد من الدول المتقدمة)!!، إلا أنها تقف موقف شبه المتفرج أمام هذا النوع من المخالفات، التي قد تمثل تهديداً مباشراً لصحة الفرد، خصوصاً أننا نسمع ونقرأ من أطباء ومختصين وجود حالات تسمم، وإصابات بتليف في الكبد، وفشل كلوي، نتيجة استخدام بعض المستحضرات العشبية غير المفسوحة. وقد أثلج صدورنا النظام الذي أصدرته وزارة الشؤون البلدية والقروية حول تحديد نوعية المنتجات المسموحة والممنوعة في محلات العطارة. ومنها منع بيع المستحضرات العشبية على هيئة خليط تحمل ادعاءات طبية، والمستحضر الصيدلاني المستخدم في علاج الانسان مثل (الأقراص، الكبسولات، الأشربة، المراهم، الكريمات، التحاميل، البودرة)، اضافة للمكملات الغذائية، والمقويات الجنسية بأنواعها. إلا أن المتلاعبين بصحة الناس لم يكفوا عن أساليب المراوغة، فها هم يلتفون حول هذا النظام بأسلوب مخادع لتقديم خدماتهم عن طريق التوصيل المجاني، ودون الحاجة لمحل عطارة!! الأمر لم يعد يحتمل التأخير والتساهل، ومن الضروري تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة الصحة ووزارة الشؤون البلدية ووزارة الإعلام وهيئة الغذاء والدواء، لمراجعة اللوائح والأنظمة الحالية وتطويرها، وتحديد مسؤولية كل جهة واختصاصها، ووضع غرامات صارمة على الشركة المعلنة، ومنع أي نوع من هذه الإعلانات في الصحف والمجلات المحلية أو الخارجية وتغريمها. والمؤسف أن هناك الكثير من المستهلكين ينجرف وراء هذه الادعاءات المضللة، دون التفكير فيما قد تحدثه تلك المستحضرات من مضاعفات قد تؤدي لأضرار صحية بالغة، وهذا يستدعي من القطاعات المعنية تكثيف التوعية بهذا الجانب. على كل لا يفهم من حديثي أنني لا أؤمن بالطب البديل أو الشعبي، فهناك العديد من الجوانب الإيجابية في هذين النوعين من أنواع الطب. إلا أن هناك أصولاً وآداباً، وأنظمة وتشريعات، لممارسة هذا النوع من الطب يجب الالتزام بها.. وأعتقد أنه لو تم التعاون بين ممارسي الطب البديل والشعبي، مع مراكز الأبحاث الطبية لربما خرجوا بأنواع جديدة من الأدوية. على كل.. انتظروا، فلربما نجد بعد حين من يعلن عن مستحضرات مخصة للرجال (فقط) تحت مسمى الحوت أو الفيل مثلاً، أو ربما الجمل.. حتى يكون أقرب للبيئة السعودية!! ودمتم بصحة ومعافاة.. @ خبير تغذية الصحة [email protected]