قد نسمع عن معلم متعنت.. دائماً ما يكون شرسا أمام طلابه.. ويتسم بالشدة والصرامة.. ويرى أن ذلك من اكتمال الشخصية وزيادة في الوقار والمهابة، وقد نسمع معلماً يغار ويشتاط غضباً عندما يلاحظ أحدا من الطلاب ذا مظهر حسن ويلاقي احتراماً وقبولاً في الرأي من زملائه في الصف. هذا ما قد نسمعه في مدارس التعليم العام عن معلم ربما لم ينضج فكره كلياً ولم يبنء خبرةٌ كافيةٌ ولم يمضء طويلاً في معترك الحياة، ومع إن هذا لا يعطي الأحقية فيما يتصرف به، إلا أن السؤال الكبير ماذا عن الجامعات ؟ التي جاء إليها الأستاذ بعد أن أمضى سنوات في بناء تلك الخلفية الفكرية والثقافية والعلمية، وأصبح ذا مكانة مرموقة اجتماعياً.. ويشار إليه بالبنان، ويستشهد برأيه ومقولاته ! نقول ماذا عن الأستاذ الجامعي والأكاديمي ؟ فلا نزال نسمع من العجائب الكثيرة عما يحدث لدينا في الجامعات، فنستطيع أن نلحظ بين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة كل صفات البيروقراطيين التقليديين من النزاهة المطلقة إلى التطرف الكامل - أقصد البعد كل البعد عن النزاهة - وما بين هذا النقيض وذاك من طبقات ودرجات، فذاك أستاذ لا يريد أن يرى أحدا يبتسم وأخر لا يرغب في طرح أي سؤال وثالثا لا يؤمن بسماع الرأي الآخر أو الدخول في نقاش علمي يثري المادة الدراسية و.. و.. وربما يصل الحال إلى من لا يريد أحدا أن يتكلم قطعياً فضلاً عن طرح أي سؤال أو الدخول في أي نقاش. وقد يلجأ الأستاذ في بعض الأحيان إلى إسقاط الطالب في أخطاء للتقليل من مكانته واحترامه أمام زملائه من خلال التصرف الذي أشبه ما يكون من ردة فعل ذلك الأستاذ تجاه الطالب.. كأن لا يعيره أي اهتمام عندما يتحدث أو لا يجيب على سؤاله أو يهمشه عندما يطرح رأياً، أو يرفع الأستاذ صوته بشكل نشاز عندما يرغب في الرد على ذلك الطالب وربما يكون ذلك بشكل استفزازي أو غير ذلك، مما قد يفقد الفائدة من ذلك الأكاديمي ومن مادته نتيجة لأسلوبه الذي يبين أو يدل على أن لديه ضعفا في بناء شخصيته وزيادة تحسسه لكل شاردة وواردة كما يقال. ومن حقائق الحياة الجامعية في كل مكان أن الأستاذ الجامعي يمارس سُلطة على الطالب أثناء المحاضرة أو عند كتابة بحث أو مناقشة رسالة أو غير ذلك، وإذا كانت الغالبية العظمى من الأساتذة تمارس هذه السُلطة بما ينبغي أن يتصف به الأستاذ الجامعي من تجرد وعدالة فان البعض يمارسها بطريقة لا تخلو من التعنت والشدة وقد نسمع عن قصص أشبه ما تكون قريبة من الخيال ومآسٍ نتيجة التحكم المطلق الذي لا يُعرف له حدود للأستاذ الجامعي في مصير الطالب، وتتضح هذه السُلطة غالباً لطلاب الدراسات العليا الذين يرون أن سيف الأستاذ المشرف مسلط على رؤوسهم يمكن أن يهوي في أي لحظة. وإن كان أحدنا لا يرضى بان تكون السُلطة بلا حزم فإنه لا يرضى كذلك بأن يكون الحزم بلا رحمة. وكما أننا نرى هذا النقيض فإن هناك الأستاذ الجامعي والأكاديمي الأمثل الذي يرى أن العلاقة بين الأساتذة والطلبة تقوم على ما يشبه الزمالة المحققة للمقولة "لا يوجد أنبل من مهنة التدريس" وتزداد حاجة الأستاذ في التعليم العام أو الأكاديمي في الجامعة إلى التواضع والكلمة الطيبة والخلق الحسن كمقومات للتقدير ومزيد من الاحترام عند طلابه وتحقيق الفائدة التربوية والتعليمية. والله من وراء القصد.