"بين البراءة والموت والدناءة التي يضربها الزمن بسوطه، هل هناك مكان لموسيقى الروح الصغيرة". سؤال ظل يطرحه العملاق السويدي انغمار برغمان كل يوم على نفسه وفي كل لحظة يشعر فيها بأن الصمت هو غذاء الروح في اتون رحلة التعب الطويلة.. ولعل مذكراته التي اتسمت بالبؤس الى حد ما وسيرته الذاتية المفعمة بالقفز فوق الجراح وصولا الى النجومية والتي قرآناها في الكتاب الصادر مؤخرا عن سلسلة الفن السابع - وزارة الثقافة السورية كانت بمثابة لقطات مفردة ومؤثرة لهذا المعلم الاستثنائي الذي انطفأ على مشارف التسعين، كان برغمان في صيرورة نفسه يفتش دائما عن صنع الاحلام وكانت العزلة الاختيارية التي فرضها على نفسه هي مصدر الهاماته وابداعاته وبالنسبة إلى برغمان فإن الوحدة تعني له طرح الاسئلة وصنع مزيد من الأفلام يعني له الإجابة عن كل هذه الأسئلة ولم تغب المرأة عن اعماله بل كانت سيدة متوجة وحاضرة تحاكي مكنونات الحياة بحلوها ومرها،حبه الاول للمسرح جعل منه مرآة عاكسة لروح ومرئيات شكسبير وتشيكوف حيث قدم من فلسفة تكوينهم الفكري اكثر من عشر مسرحيات اثارت الكثير من الجدل، وفي الفن السابع الذي كان يعشقه بدون مقدمات قدم بيرغمان اكثر من ثلاثين عملا سينمائيا اغلبها حملت ومضات فكرية وفلسفية وكوميدية لونت الحياة بألوانها الطبيعية، بيرغمان الساحر المقهور ومخرج الروائع البصرية الذي ولد في 1918بالسويد ورحل العام الماضي يقول عنه جوان - لوي بوري يبدو ان فيلم الصمت يقدم لنا شيئا يشبه الجواب على كل الاسئلة التي كانت تقلق الراحل : كل هذا الصمت الذي يهلك الناس في قلب عالم يبدو ظاهريا وكأنه ممتلىء بالضجيج والرعب، لكنه في الحقيقة عالم اخرس حد الموت، كل هذا الصمت انما هو وليد صمت واحد، الصمت الكبير: صمت الروح.