تراكم الشاعرة البحرينية الشابة وضحى المسجن شعريتها البالغة الرهافة في مقامات متتالية اختارت ان يكون عنوانها "كف الجنة"، وهي في تلك المتتاليات الشعرية، التي صدرت مؤخرا في كتاب أنيق عن "فراديس للنشر والتوزيع"، تحاول أن تفك أسر الروح بواسطة القصيد وحده من خلال احتفاء واضح باللغة ودقائقها السرية على طريق المعنى. تقول وضحى وكأنها توجز مشروعها الشعري بأكمله في بعض ما تكتب وحسب: (يزهر الحب تخبىء الصبية "كف"... في قلب وسادتها.. يزهر الشعر..) والشعر الذي يزهر في جنان الحب السرية يتسامى في مقاماته العلوية من خلال الهجر والمعاتبة والوفاء والجوي والكشف والسلو والتداخل، وكأن وضحى المسجن، التي تعرف كيف تنتقي ما يليق بموهبتها المتفجرة من معان مكدسة في الطرائق الصوفية، تبدأ خطوة جادة وحقيقية لمشروع شعري متفرد في نوعه ينسل من شغاف القلب ليكون كائنا بشريا سويا. وضحى المسجن إذن شاعرة بالقصد لا بصدفة المعنى، ولا بعشوائية المفردة، ولا بإغراء الموسيقى، فهي تتجاوز كل هذه الوسائل الشعرية لتخلق وسيلتها الخاصة بمحض التجلي في غواية تهبها كل ما تملك من معرفة وموهبة واجتهاد دؤوب، لتنساق في خضمها نحو سماء بعيدة محتشدة بالقصيد الجميل. تقول وضحى، وكأنها تدفع عن نفسها مظنة التكرس تحت ظلال الآخرين: (لا يذهبن بك الظن، فأما الصبية فقد أخذها اللف، تختط - توحى- تمشط أصابعها وتهذي، ليس في ذلك ما يدعو للعجب..إنها تظنه الشعر).. ونحن نظنه كذلك يا وضحى.. فليس ما تظنه تلك الصبية شيئا آخر إن لم يكن شعرا ذاهبا الى سدرته كيقين أبدي.