شجع ارتفاع أسعار النفط خلال العام الماضي والذي نقلها إلى مستويات 100دولار للبرميل شركات النفط العالمية أن تتوسع في استثماراتها وتخطط لمزيد المشاريع الاستثمارية سعيا إلى تنامي صناعة النفط وتلبية احتياجات السوق البترولية من مصادر الطاقة التي تعتبر ضرورية لنمو الاقتصاد العالمي. بيد أن هذا التوسع في الاستثمارات النفطية والذي صاحبه ارتفاع في أسعار المواد وانخفاض في قيمة الدولار الذي يستخدم في بيع النفط بالإضافة إلى ارتفاع أجور العمالة تماشيا مع هذه الارتفاعات أدى إلى تآكل أرباح شركات البترول العالمية والتهام مواردها المالية التي حققت تناميا تخطى 30% خلال العام الماضي ما دفع المخططون لمسيرة مشاريع الشركات المستقبلية من إعادة النظر في الميزانيات المرصودة لهذه المشاريع والعمل على إيجاد توازن بين تحقيق الربح المجزي للشركات والتوسع الأفقي لمشاريع الطاقة. وبالنظر إلى نتائج بعض شركات النفط العالمية الكبيرة للعام الماضي نجد على سبيل المثال أن أكسون موبيل وشل حققتا أكبر العائدات المالية لعام 2007م غير أن الشركات النفطية لم تتمكن من تحقيق نمو في الإنتاج أو تعويض الاحتياطيات بصورة تضمن استمرار التوسع في المشاريع الطاقوية على مدى السنوات القادمة. فعلى سبيل المثال شركة شل رغم أنها حققت عائدات وصلت إلى 27.6بليون دولار إلا أن إنتاجها للنفط والغاز انخفض بنسبة 4.5% إلى 3.3ملايين برميل مكافئ نفط يوميا، كما انخفض مستوى الإنتاج لشركة أكسون بنسبة 1% إلى 4.18ملايين برميل مكافئ نفط يوميا. وانخفض إنتاج شيفرون إلى 2.62مليون برميل مكافئ نفط يوميا ولم تتمكن شركة شل من تعويض احتياطياتها للمرة الثالثة على مدى أربع سنوات ما رفع حالة القلق لدى مساهميها وهو نفس الشعور الذي تخلق لدى مساهمي بعض الشركات الأخرى مثل شيفرون ومعظم بقية الشركات الأمريكية التي فشلت في تعويض الاحتياطيات لعام 2007م وهي السنة الرابعة الأمر الذي أفضى إلى هبوط الاحتياطيات بمعدل 10-15% وعزي ذلك الخلل في الاحتياطيات إلى بيع في بعض الأصول ونقص الإنتاج. ويقول محللون نفطيون أن تراجع إنتاج الشركات النفطية حرمها من تحقيق عائدات مالية كبيرة يفترض ان تستفيد منها في تعزيز مشاريعها المستقبلية ورفد مصادرها المالية لإقامة منشآت نفطية جديدة تمتن من صناعة الطاقة وتلبي الطلب العالمي المتزايد وكذلك تحقيق التوازن بين العرض والطلب ما يفضي إلى استقرار أسعار النفط وعدم التأثير على مسار نمو الاقتصاد العالمي. ويرجح المختصون في شئون الطاقة أن تظل الأسعار في خلال العام الحالي 2008م دون مستوى 100دولار للبرميل إذا ما حدثت مفاجآت على مستوى الساحة السياسية أو الأمنية خاصة في المناطق التي تتمحور فيها صناعة النفط أو قرب المنافذ البحرية التي تساهم في تمرير شحنات الوقود إلى أسواق الاستهلاك وتعمل على تسهيل انسيابه إلى مواقع البيع. إذا ما استمر غلاء أسعار المواد وارتفاع أجور العمالة فإن العائدات المالية لشركات الطاقة من المتوقع أن تنخفض بنسبة تتراوح ما بين 5-6% وقد يؤثر ذلك على مستوى المخزونات النفطية وخاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر مستهلك للطاقة في العالم كما أنه سيؤثر على أداء المصافي وإمدادات المواد البترولية المكررة التي تعتبر المحرك الرئيس لأسعار النفط والذي يؤمل أن يضاف إلى طاقتها الحالية مليون برميل يوميا بحلول عام 2010م لسد الحاجة الماسة إلى مصادر الطاقة.