توصل وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين في بروكسل إلى أرضية مشتركة تسمح مبدئيا بتجاوز الخلافات القائمة بين هذه الدول بشأن مستقبل علاقة الاتحاد بدولة كوسوفا المستقلة الجديدة التي أعلنت يوم الأحد الماضي. وتنص هذه الصيغة على ترك الخيار أمام كل بلد للاعتراف بالدولة الجديدة أو عدم الاعتراف بها. وبدا واضحا من خلال المشاورات التمهيدية المتعلقة باجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي المخصص لهذا الملف والتي كانت قد جرت يوم الأحد الماضي أن هناك اليوم قسمين اثنين داخل الاتحاد الأوروبي لدى كل قسم موقف مغاير لموقف القسم الآخر. فثمة من ناحية دول أعربت عن استعدادها للاعتراف بالدولة الجديدة وفي مقدمتها فرنسا وإيطاليا وبريطانيا العظمى وألمانيا وسلوفينيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية. بل إن ديمتري روبيل وزير الخارجية السلوفيني أكد أمس الاثنين قبل بدء اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين أنه كان ينتظر من دول عديدة الاعتراف بدولة كوسوفا الجديدة. أما برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي فإنه قال إن استقلال كوسوفا هو "خبر جيد" بالنسبة إلى سكان الدولة الجديدة وبالنسبة إلى الصرب لأنه من شأنه أن يفتح الطريق أمام الدولتين للانخراط يوما ما في الاتحاد الأوروبي. وبالرغم من أن ألمانيا كانت قد أعلنت أمس على لسان مستشارتها أنجيلا ميركل أن عملية الاعتراف بالدولة الجديدة ربما ستأخذ بعض الوقت، فإن الموقف الألماني من المسألة من شأنه في المستقبل حمل عدة دول في أوروبا الوسطى منتمية إلى الاتحاد الأوروبي أو غير منتمية إليه على تغيير مواقفها. وهي قادرة على ذلك بحكم علاقاتها السياسية والاقتصادية المميزة مع هذه الدول. ومن أهم الدول التي أبدت أمس اعتراضها أو تحفظها على مسألة الاعتراف بدولة كوسوفا الجديدةإسبانيا التي قال وزير خارجيتها ميغيل أنخيل موراتينوس مساء الليلة قبل الماضية عند وصوله إلى بروكسل إن بلاده لن تعترف بالدولة الجديدة. ويقول المحللون السياسيون إن السلطات الإسبانية تخشى أن يفتح قيام دولة كوسوفا الجديدة الطريق أمام الانفصاليين الباسك لتشديد مواقفهم ومطالبة الأسرة الدولية بضرورة السماح لهم بإنشاء دولة مستقلة. وفي قائمة الدول التي أبدت في اليومين الأخيرين اعتراضها على عملية الاعتراف بكوسوفا كدولة نجد رومانيا واليونان وسلوفاكيا وقبرص وبلغاريا. ويعزى اعتراضها لمخاوف شبيهة بالمخاوف الإسبانية أو لدفاعها عن الموقف الصربي إزاء القضية وهو أساسا حال اليونان. من جهتها، أعربت منظمة المؤتمر الإسلامي امس الاثنين عن تضامنها ودعمها الكامل لإعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد. وأعرب أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام للمنظمة التي تضم في عضويتها 57دولة مسلمة، عن ارتياحه "للحدث المهم المتمثل بإعلان كوسوفو عن استقلاله بعد نضال طويل قاده شعبه بجد وحزم". وقال أوغلو خلال خطابه الذي ألقاه أمس أمام اجتماع كبار الموظفين التحضيري للدورة الحادية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي في العاصمة السنغالية داكار أن "الأمة الإسلامية تتمنى لحكومة وشعب كوسوفو النجاح في الكفاح الجديد المتمثل في بناء دولة قوية ومزدهرة"، مشيرا إلى أن "استقلال كوسوفو سيعزز مكانة العالم الإسلامي ويزيد العمل الإسلامي المشترك نهوضا وتقدما". كما أعرب الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس مجدداً عن تأييده لإعلان إقليم كوسوفو استقلاله. وقال بوش في مقابلة مع شبكة "إن. بي. سي" الأمريكية خلال زيارته لتنزانيا إن "شعب كوسوفو مستقل الآن. انه أمر يحظى بتأييدي وتأييد حكومتي".