المواطن ينشد أقل الأسعار لكل شيء، سكن تعليم علاج وغيره، وهذا حقه ومطلب لكل مواطن لا شك في ذلك، ولكن في ظل الظروف الحالية الاقتصادية والتي أصبحت هي سمة للاقتصاد العالمي، أي الغلاء وشح الموارد وارتفاع الأسعار، فالسيولة تصبح عبئا كبيرا، أي قوة الشراء تصبح عاملا مساعدا وأساسيا للتضخم حين يوجه للاستهلاك ولا يوجه للإنتاج، الآن حضر معالي وزير المالية ومحافظ مؤسسة النقد لمجلس الشورى لنقاش موضوع الغلاء وارتفاع الأسعار والارتباط بالدولار. وظهرت النتائج لهذا الحوار كما يتوقعه كل مطلع واقتصادي، أي لا تغيير في ربط الريال بالدولار وهي سياسة حكيمة للظروف الحالية والمعطيات كثيرة لا شك بها، فمن يريد فك الارتباط للدولار مع الريال يجب أن لا يتوقع حدوثه بين يوم وليلة أبدا لن يحدث ذلك لأسباب اقتصادية خالصة وهي متعددة ويكفي أن ننظر لاستثمارات الدولة المقيمة بالدولار كم هي وغيرها. سياسة الدعم هي مجدية بظروف محددة ومؤقتة وليست دائمة، لأن الدعم يحتاج نموا مستمرا بالموارد، والدعم سيكلف الدولة ما يقارب 62ملياراً خلال ثلاث سنوات، عدا زيادة الرواتب وما يتبعها من نمو سكاني سيزيد الأعباء، الأهم هنا هو نمو الموارد بما يتناسب مع زيادة المصاريف وإلا سنكون خلال خمس سنوات بمأزق كبير لا يعرف له حلول، من زيادة مصاريف حالية لمواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار، في ظل أن النفط المصدر الأساسي للدخل أصبح سلعة "سياسية" تتدخل بها الحكومات للدول الكبرى وتمارس ضغوطا كبيرة، إضافة إلى البحث المستمر عن البدائل وتوقعات انكماش اقتصادي أمريكي وتراجع نمو صيني خلال عام 2008سيضع النفط بمستويات طلب غير متنامية ومتسارعة سعريا كما هي الآن. الأهم هنا أن نوجد مصادر دخل جديدة، صناعة جديدة، بناء كوادر بشرية ذات كفاءة عالية، تزيد من موارد الدخل بما "يفوق" المصروفات، وأن لا نركز على الفوائض الحالية وهي تستخدم الآن لمواجهة أزمة التضخم للأسعار، فماذا أعددنا للمستقبل في ظل اقتصاد ريعي يعتمد على مصدر واحد للدخل، يجب أن نسارع ببنية تحتية أساسية بعيدة المدى في كل شيء، وأن ننظر للأجيال القادمة ماذا أعددنا لها، وان نحسن التعليم، والطب، والخدمات للمواطن، والأهم إيجاد فرصة عمل تساعده ببناء وطنه ونفسه وتوفر له مصدر دخل، من خلال بناء اقتصادي متنوع، على أمل أن نتحول إلى دولة صناعية متنوعة تعتمد على الموارد الأولية الموجودة لديها باستثمار أمثل ومقنن للزمن الحالي والمستقبل، أفضل كثيرا من سياسة دعم تستنزف ولا تحل المشكلة من جذورها، فلا يجب أن نبحث ونركز على حلول وقتية وآنية، بقدر ما يكون المستقبل هو الأساس الذي بني عليه مستقبلنا ومستقبل أجيالنا وأهمها الوطن.