مع تطور انماط التربية والتعليم منذ منتصف القرن العشرين، اصبح الاعتماد على الكتاب المدرسي فقط كمصدر للتعلم لا يتمشى مع الانفجار المعرفي في التقنيات الحديثة التي تتطلب مواكبة وتطبيقا في مجال تعلم لتسهيل المعلومات ودعم المنهج الدراسي وتشكيل جيل يفهم معطيات العصر الحديث الذي يهدف الى تنمية مهارات البحث والاستكشاف وحل المشكلات والقدرة على التكيف لخلق الجيل المبدع الذي يكون بمثابة استثمار حقيقي لتلك الميزانية المصروفة، فما اهمية مصادر التعلم في توفير مصروفات التعليم وتوجيهها الأمثل لتكون عائدات الصرف اكبر من الميزانية المصروفة؟؟. جيل المبدعين أمل الدوسري مشرفة تربوية ترى بأنه عندما أنشئ مركز التقنيات الملحق بإدارة التعليم تم تفعيله ايجابيا عبر تجاوز استخدام المكتبات المدرسية الى ايجاد غرفة مناسبة لمصادر التعلم ومساندة للمواد المطبوعة التي تحتويها المكتبة ولا يعني ذلك الغاء المواد المطبوعة والتي هي الأساس لما للمواد القرائية من دور في الاتصال الثقافي والعلمي والتعليمي مثل الكتب والكتيبات والنشرات والدوريات من صحف يومية وأسبوعية وشهرية او المجلات المختلفة وغيرها من تلك التي تصدرها وزارة المعارف وكل ذلك يعزز قيمة التعامل مع التقنيات الحديثة التي ولّدها التطور المعرفي والذي يتطلب منا وضع الطالب والطالبة في مواجهته عبر مساعدته بكل ما ادرج من تقنيات والتي من شأنها ان تزود المتعلم بخبرات التعليم المختلفة والتي تناسبه قلبا وقالبا ولا تجعله في معزل عما يحدث في العالم بل تبقيه جزءاً لصيقاً بتطورات المعرفة وتثير انتباهه لأدوات التعلم الحديثة التي تفجر فيه مكامن الإبداع ليكتشف نفسه عبر التفاعل الايجابي مع التقنية الحديثة بعيدا عن جمود الجداول الدراسية والتمركز حول الحصة الدراسية في الصف لتأخذه عبر حدود معرفية لا افق لها فوسائل التعلم كل يوم تتجدد ولابد ان يتوازن تجديدها مع فهم المتعلم لبرمجة العصر وخلق جيل جديد مبدع قادر على البحث والابتكار فبذلك تتحول جميع مصروفات التعليم لمردودات بشرية مقننة بالعلم والمعرفة ومؤهلين لرفع مستوى العمل والأداء عند التخرج والتوجه لمضمار العمل سواء في القطاع الحكومي او الخاص ليكون خدمتهم بارزة في رفع المستوى الاقتصادي عبر حل المشكلات وإبراز الابتكارات والتوافق والتآلف مع البيئة المعرفية المتنوعة. الأنماط المختلفة وتضيف الأستاذة الجامعية رحمة يماني بأن من ابرز عيوب التعليم التقليدي هو المتحور حول نقطة واحدة تعتمد على الحفظ والاستذكار الآلي ونيل الدرجات والنجاح والتنقل من صف لصف او من مرحلة الى اخرى الى ان يصل بعض الطلبة الى المرحلة الجامعية وكأنهم لم يتحصلوا على معلومات قيمة وهذا ما اثبتته المقابلات الشخصية واختبار القدرات قبلها ولا اعتقد بأن صرف الميزانية تعني تدرج المراحل والصفوف والتخرج بدون فائدة ذات قيمة من قبل صرف تلك الميزانية، لذلك كان من ابرز اهمية مصادر التعلم المختلفة هو ايجاد انماط مختلفة من العقليات المتفتحة وتنمية روح الابتكار منذ المراحل المبكرة للتعليم للتوصل لتخريج العلماء والمفكرين الايجابيين عبر توفير الإمكانيات اللازمة للبحث العلمي وتزويد المتعلم بأدوات تجعله قادرا على التكيف والاستفادة من تطورات العصر وتقدمه، فيكون ذهنه قابلا للتطور فيما بعد دون ايجاد التناقض بين المناهج الدراسية المبنية على الحفظ وعالم يزخر بالمعرفة المتحركة والمكتوبة والمنطوقة والصوتية والسمعية وعبر شبكات الانترنت وعبر تحويل المكتبات الى مكتبات الكترونية تقلل من وقت الحصة المعتاد والملل ليكون الاستيعاب في فترة قصيرة وسريعة وثابتة في الذهن وتساهم في بناء العقل السليم يستطع الإنسان ان يستخدم الإمكانيات التي وهبه الله، والدولة تصرف ميزانية على المواد البصرية من نماذج ورسوم توضيحية وتعليقات لفظية ورسوم تخطيطية وملصقات الرسوم البيانية واستخدام الاسطوانات والأشعة الصوتية وتعليم اللغات والقرآن واستخدام اقراص الليزر وأفلام الفيديو والشرائح والأفلام الثابتة باستخدام اجهزة العرض والطول والكرات الأرضية لنموذج وشكل الأرض والتي تمثل الاتجاهات والمساحات وخطوط الطول والعرض والخرائط والأطالس التي تساعد على تنمية التفكير المنظم بوجود الخرائط الجيولوجية والتاريخية والعسكرية والمناخية والطرق المعتمدة على التصوير الجوي والحاسوب لتعد لنا جيل المهندسين والجيولوجيين والعلماء عبر استثمار التقنيات في شرح المعلومات وتفتيح ذهنية المتعلم على عصر السرعة الممزوج بالاختراعات اليومية ليتعدى المتعلم مساحة الكتاب الى مساحة اشمل وأوسع غير مهددة بصفحات واختبارات فقط فنحن نضع الطالب والطالبة في مواجهة مباشرة لذلك التفجر وهنا تصبح المصروفات اقل بكثير من ايرادات تكوين الإنسان التي تعود على الفرد والمجتمع لتطوير البلد في نواح اخرى ولعل هذه احد اهداف سياسة التعليم في المملكة وهي تطوير الفرد لتطوير المجتمع. الميزانية العامة والخاصة رغد العوفي مسؤولة حاسب في مرحلة ثانوية ترى بأن مصادر التعلم ساعدت على الفهم وقللت من الاعتماد على المدرسين الخصوصيين مما يساعد الأسرة على توفير ميزانيتها لإقامة الأنشطة الخاصة بالابن او الابنة في ورش العمل بدلا من ان يحجم الطالب او الطالبة عن توفير بعض المستلزمات المدرسية بسبب ميزانية المدرسين الخصوصيين، بل ساعدت تلك المصادر على الاستفادة من الحاسب بشكل واضح يفيد تنظيم العقل للتفاعل في المشاريع المستقبلية العامة والخاصة وان انتشار توزيع السي دي الخاص بالمناهج الدراسية خطوة بارزة لربط المتعلم بالحاسب لغة العصر وبوابة الثورة المعلوماتية بل اصبح هناك جيل قادر على اختراع الوسائل التعليمية ليكون عقله مصدر من مصادر التعلم واستغلال ما يشاهد في تنفيذ الأنشطة من خلال معرفة الأدوات المساندة للمواد البصرية والسمعية فهذا يساعد على عمل الوسائل التعليمية والتفنن في برامج البور بوينت ويقلل من الاعتماد على الوسائل الورقية المعتادة والمكلفة والتي تتلف سريعا بسبب التداول بين المعلمين والطلبة، بينما مصادر التعلم من حاسب يقع على قمة الهرم المعرفي وتفعيل لغة البرمجة سهَّل التعلم وقلل التكلفة وجعلها استثماراً طويل الأمد وسلاحاً ذا حدين ..حد معرفي مصروف وحد انتاجي مردوده على الجميع. اعداد المعلمين سارا الجودي معلمة في مرحلة ثانوية تشيد بأهمية مراكز التدريب وما قدمته لرفع مستوى المعلمات فتضيف "عندما اعتمد فتح مراكز التدريب الخاصة لإعداد المعلمين والمعلمات عبر الدورات المنهجية والنفسية والتي تهدف الى رفع مستوى المعلم وكفاءته وايجاد اعداد المعلمين المواكبة لتنفيذ مصادر التعلم وفتح قابليته في ادراج تلك المصادر كوسائل تعليمية حيوية دون اهمال دورها او تهميشه بل زرع الحب المعرفي واثارة انتباه المعلم قبل الطالب لاستيعاب عصر التقنيات وسهلت الأمر بتوفير اماكن وغرف محددة مساندة للمنهج وبوسائل تعليمية تسهل ايصال المعلومة وتثبيتها، فلا تقف مصادر التعلم من حيث الأهمية على الطالب بل هي ادوات لتطوير المعلم ومساعدته على تنوع اساليب تدريسه وتسهيل العملية التعليمية وتبادل الخبرات وتطوير المادة ونقدها فيكون للمعلمين دور في تلافي أخطاء المناهج وتقديم الخبرات والاختبارات التعليمية المتنوعة والتي قد لا تتوافر في اماكن الدراسة العادية وبذلك يرتبط المعلم بالمكان ويقلل من رتابة التدريس وبالتالي من التهرب عبر الغياب المستمر ويقلل من الاصطدام الذي يحدث عادة بين الطلبة والمعلمين والذي يفرزه الجو الرتيب داخل الفصل ليكون كل من المعلم والمتعلم على اهبة الانتباه والتركيز وتتحول العملية التعليمية الى حب وشغف معرفي وتجديد للعقول واستدراج للتفكير لقتل مرور الوقت والوصول للإنجاز والتوصل المعرفي في وقت ممتع وبجهد اقل.