تعقيباً على مقال "وفاء الزوجة في مهب الريح!!" المنشور بجريدة (الرياض) في صفحة الرأي بتاريخ 2008/2/2: لقد صدق الأخ سعود المقحم فيما أورده من عنوان (وفاء الزوجة في مهب الريح!!) من حيث كونه عنواناً لا يدين (نون النسوة) بقدر ما يلخص حالة الزوجات اللائي دفعت بهن (ريح الزجر والعنف والاضطهاد) من زوج راحل، إلى تحين لحظة الانعتاق من أسر عدة وفاته غير مأسوف عليه!... حينئذَ ينطلقن فَرِحَات بالحرية التي حُرِمَن منها لسنوات.... فمنهن من تلزمها مرارة الذكريات وبشاعة العشرة مع (المرحوم) - الذي لم يرحمها وهو على (قيد) الحياة - إلى عدم تكرار التجربة رافعة شعار (من لدغتها الحية تخشى الحبل)! فتؤثر أن تهب بقية عمرها وشبابها النضر الغض لتربية الأبناء متسلحة بحنان أم وحزم أب، ولاشك أن هناك نماذج لأرامل عدة نجحن في أداء هذا الدور بمفردهن على أكمل وجه. ومنهن من يجذبها الشوق نحو الضوء المبهر كفراشة زهر، فإما أن ينير لها هذا الضوء عُتمة الطريق، وإما أن يدفعها نحو حريق أدهى من سابقه وأمر! وأعود إلى ما أورده الأخ سعود من دعوة لإيقاف هرولة المترملة نحو صالات الأفراح والرقص كبنت في سن العشرين ".... وتلعب لعباً يلهب المشاعر ويثير الشجون"... فأضع ظلاً أحمر تحت تلك العبارة وسؤالاً أداعب به كاتباً يملك أدوات التعبير وجزالة اللفظ ودقة الوصف: ترى مشاعر من التي التهبت... وشجون من التي تمت إثارتها بالضبط!! إن هذا المقال يحمل دعوة ضمنية لجميع الأزواج الأحياء أن يكرموا زوجاتهم ويحسنوا معاملتهن، من باب الحرص على مستقبلهم في الحياة وسمعتهم بعد الوفاة - فدعوة المظلومات من الزوجات مستجابة بلا أدنى شك - فاحذروا دعواتهن أيها الأزواج قبل فوات الفوت! ولا تجعلوا حقوق المرأة مرهونة - لاقدر الله - بواقعة الموت! وبالعودة إلى مضمون المقال المشار إليه نجد الكاتب قد ربط ما بين الوفاء وما بين إهدار حق الأرملة - التي انقضت عدتها - في الزواج!! فإذا كان لفظ (الوفاء) في اللغة يعني المحافظة على العهد وإتمامه، وهو ضد الغدر فهل هناك عهد وميثاق بين الزوجة والزوج منصوص عليه في العقد مفاده: عدم الزواج بعد وفاة أحدهما!!! والسؤال بطريقة أخرى: هل من حقنا أن نقيد حقاً أطلقه الشرع!! إن الأمثلة من التاريخ الإسلامي السمح التي تؤيد حق الزوج - رجلاً كان أو امرأة - في الزواج بعد وفاة (شريك أو شريكة العمر) تفوق الحصر: فقد تزوج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة وهي كانت متزوجة من قبله باثنين..... وقد زوج ابنته أم كلثوم لعثمان بن عفان رضي الله عنه بعد وفاة ابنته الأولى رقية... وتزوج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من عائشة قبل انقضاء شهر واحد على وفاة السيدة خديجة.. وتزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة بسبع ليالٍ... فالزواج بعد وفاة أحد الزوجين لا يحمل أبداً معنى عدم الوفاء ... أما عندما ترى إحدى الزوجات أن تظل أرملة فلا تتزوج بعد انقضاء عدة زوجها مثلما فعلت نائلة بنت الفرافصة رضي الله عنها فهذا شأنها الخاص وقرارها الذي لا ينبغي أن نعتبره نموذجاً ملزماً للأخريات... فضلاً عن المقارنة غير العادلة بين الرجال الآن وزوجها الذي قتل بين يديها عثمان بن عفان رضي الله عنه.. وخلاصة القول : لا ينبغي لنا أن ندعو لسلب حقوق المرأة التي كفلها لها الدين والشرع رضوخاً لعادات وتقاليد ومفاهيم خاطئة.. ولا يفوتني في نهاية هذا التعقيب إلا أن أشيد بما عرج عليه الكاتب من موضوعات ربطها بالموضوع ربطاً جيداً ويحتاج كل منها إلى أكثر من مقال... كمسألة عمليات التجميل و(الترميم) - بحسب اللفظ الساخر الوارد بموضوعه الشيق -. شكراً للأخ سعود بن عبد الرحمن المقحم الذي يقتحم بجرأته المعهودة قضية العلاقة بين الرجل والمرأة في الحياة.... - وبعد الوفاة أيضاً - فيثير حول مقالاته جدلاً كبيراً ونقاشات لا تكاد تنقطع وتحية لجريدة "الرياض" التي أفردت تلك المساحة الحرة لعرض الرأي والرأي الآخر بحرية قلما نجدها في غيرها من الصحف العربية..