هل يعقل أن تهرول امرأة بمجرد انتهاء عدة الوفاة وعند أدنى دعوة لصالات الأفراح فتتراقص تراقصاً لا تستطيع عليه بنت العشرين، وتلعب لعباً يلهب المشاعر ويثير الشجون، وسط أهازيج المدعوات وضربات الدفوف وصيحات المشجعات، وترديد المنشدة "هي خاربة خاربة خلينا نعميها". لماذا تعميها؟!، لماذا التهور؟!، أين عقلها؟!، أين مصلحة أطفالها؟! أليست بهذا الفعل كمن تقول: ما بعنا بالكوم إلا اليوم، والذي لا يخطب يتفرج، ومن لا يتقدم خاطباً اليوم سيندم على فوات الفرصة حين لا ينفع الندم؟!. نعم لقد حققت مراكز الجراحة والتجميل أرباحاً طائلة ليس له مثيل من عجوز الأربعين المتصابية ومثيلاتها حين أتين يطلبن شد وجه وبطن وتعديل أنف وتنفيخ شفايف ونهود وتسمين الأرداف وتصحيح بروز الأذن، حتى شخيرهن أصررن أن يضعن له حد اليوم، أين هذه المهمة والنشاط في حياة أولئك الكادحين المساكين؟!، ألم يكونوا يستحقون ولو جزءاً يسيراً من هذا الترميم؟!، أين الوفاء؟!، أين اختفى؟!. أليس صحيحاً بعد هذا قول أن وفاء الزوجة اليوم في مهب الريح؟!، كيف لا؟!، وشتان شتان ما بين صنيع هؤلاء الناكرات للجميل ووفاء الصحابية نائلة بنت الفرافصة رضي الله عنها، امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه، حين خطبها معاوية فردته وقالت: ما يعجب الرجل مني؟ قالوا: ثناياك، فدعت بفهر فكسرت ثناياها وبعثت بها إلى معاوية، وقالت: إني رأيت الحزن يبلى، فلم آمن أن يبلى حزني على عثمان فتدعوني نفسي إلى التزوج. صدقاً، لا نريد من زوجات اليوم جميعاً أن يكن مثل رمز الوفاء والتضحية الصحابية الجليلة نائلة بنت الفرافصة رضي الله عنها، فيكسرن ثناياهن أو يشوهن خدودهن أو يعفطن أنوفهن، فهذا حلم إبليس بالجنة، ما نريده من البعض منهن في الحقيقة يسير وفي تحقيقه الخير الكثير، وهو الالتزام بالحد الأدنى من الوفاء. ويتلخص الحد الأدنى من الوفاء بأن لا يسارعن بالزواج بمجرد انتهاء العدة، والارتماء في أحضان أول من يتقدم وكأن أولئك الرجال الأشاوس عليهم رحمة من الله تعالى ورضوان كانوا هماً جاثماً على الصدور وانزاح عن الطريق، أيضاً أن لا يقبلن اشتراط عدم وجود أطفالهن معهن في عش الزوجية، هنا أي وفاء هذا الذي يجعلك تعيشين في منزل وأطفالك الذين في أمس الحاجة لرعايتك في منزل آخر؟!، كما ان الزواج من عاطلين عن العمل وفي عمر أبنائهن لا يدل على أن هذا الزواج رشيد. ختاماً، المرأة منبع الوفاء، وطالما هي كذلك، كان هذا التذكير والدعوة للتفكير المتزن والمستنبر، وإعطاء كل ذي حق حقه بالوقت المناسب وبالشكل الصحيح وما يصح إلا الصحيح.