قرار مجلس الوزراء القاضي بإنشاء جمعية لحماية المستهلك تعنى بشؤونه وترعى مصالحه وتحافظ على حقوقه وتدافع عنها، وتتبنّي قضاياه لدى كافة الجهات، وتحميه من الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس والمبالغة في رفع الأسعار يعتبر قرارًا حكيمًا بكل المقاييس، وستكون له آثاره الإيجابية على استقرار السوق ورضا المتعاملين فيه، كما أنه يدل دلالة واضحة على انحياز الدولة إلى جانب المستهلكين وذوي الدخل المحدود ضد من يمكن أن يتلاعب بمصالحهم أو يستغل ظروفهم. ونحن كمختصين ومراقبين للسوق السعودية كنا ندرك الحاجة الماسة إلى جمعية من هذا النوع، وننادي بضرورة وجود جهة تنحاز إلى جانب المستهلك وتسهر على مصالحه باعتباره الحلقة الأضعف في العملية التجارية بالسوق السعودية حتى الآن. وأنا شخصيًا كرست أحد كتبي بشكل كامل (كتاب حماية المستهلك- الإصدار رقم (4) ضمن سلسلة نحو ثقافة تسويقية) لهذا المجال من أجل بيان أهميته بل ضرورته في سوق لم تتخلص بعد بشكل كامل من الأساليب الاحتكارية. واسمحوا لي هنا أن أقتبس بعض الفقرات من مقدمة الكتاب المذكور "... يهدف (الكتاب) إلى الإسهام في إثارة النقاش حول حقوق المستهلك السعودي ومدى كفاية الضمانات المقدمة له والإجراءات المتخذة لحمايته، مع مقارنة واقع سوقنا المحلية ببعض التجارب المثمرة خصوصًا في أسواق الدول المتقدمة، والتركيز على أهمية إشراك المستهلك في قرار السوق، وضرورة أخذ رأيه فيما يباع له وكيف يباع ومتى... الخ الأسئلة المتعلقة بهذا المجال. وفي رأيي أنه لا يوجد أسلوب أمثل لإشراك المستهلك في قرار السوق من تأسيس جمعيات رقابية أهلية مهنية نابعة منه هو، وذات استقلال تام عن كل الجهات الرسمية وغير الرسمية الأخرى، وتكون مهمتها حماية المستهلك والسهر على مصالحه والدفاع عن وجهة نظره لدى الجهات ذات العلاقة كما هو موجود في البلدان الكبرى" انتهى الاقتباس. وبما أن خطوة تأسيس هذه الجمعية جاءت من الدولة مصحوبة بتبرع تبلغ قيمته خمسة عشر مليون ريال للجمعية من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين فإن ذلك يعد رسالة واضحة من قيادتنا الرشيدة إلى من سيتولون مسؤولية هذه الجمعية بأن يضعوا حماية مصالح المستهلك (ولا شيء غير ذلك) نصب أعينهم، وأن يستشعروا مسؤوليتهم الوطنية في ذلك. ونحن بدورنا كمستهلكين أو مختصين نود أن نرى جمعية فاعلة وذات حضور قوي تضع مصلحة البلد والمستهلك فوق كل اعتبار، وتنحاز للمجتمع ومصالحه بشكل كامل، وكل أفراد المجتمع في النهاية مستهلكون. فحتى المنتج وصاحب المصنع والمسوق هم في حالات أخرى (هي الأكثر) مستهلكون، ومن مصلحتهم وجود جهة تحميهم من تلاعب منتجين آخرين واستغلالهم. @ عضو مؤسس للجمعية السعودية للتسويق ومستشار مدير جامعة الأمير سلطان