التمرس العملي لا يغني عن تعليم أساسي ثم تدريب منهجي * إلى أي مدى يمكن القول إن التدريب يشكل عصب النجاح للموارد البشرية؟ وهل يغني التمرس العملي للعمل عن أخذ الدورات التدريبية؟ - بداية.. هذا القول صحيح نسبياً، أما التمرس العملي فقط فهو لا يغني أبداً عن تعليم أساسي ثم تدريب منهجي مركز وواضح المعالم والأهداف، وستتضح هاتان المسألتان من خلال النقاط التالية: 1- منذ سنوات عديدة والتدريب يأخذ اهتماماً متزايداً في مختلف المؤسسات الخاصة والعامة بل وحتى على المستوى الاجتماعي والشخصي، وهذا مؤشر جيد على حرص المؤسسات والأفراد على تطوير الأداء وتحسين مخرجاته كماً ونوعاً. ولكن المتأمل في هذا الزخم الهائل للتدريب والأموال والأوقات الكبيرة التي استثمرت فيه يجد أن أثره الحقيقي على المنظمات وحتى على المتدربين ضعيف أو دون المستوى المأمول، وذلك من واقع مشاهدة تطور ونمو الفكر الإداري والممارسة الإدارية في معظم المؤسسات، ومن واقع مشاهدة أن أكثر التغيرات الإيجابية في أية مؤسسة لم يكن سببه التدريب بقدر ما هو تغير القيادة العليا أو متخذي القرارات في بعض أركانها بما فيها مديري الموارد البشرية، مما يعني أن هناك علامة استفهام على آليات اختيار المناسب من التدريب وفي مخرجات التدريب، سواء للمؤسسات المعنية أو لأفرادها العاملين فيها. كما انه في ظل هذا الزخم تحول التدريب إلى هدف بذاته وليس وسيلة للتنمية والتطوير للمنظمة وأفرادها "أي أصبح التدريب للتدريب فقط" حتى انه يشاهد في كثير من المؤسسات انها تجهز قوائم دورات لمنسوبيها استنساخاً مما هو موجود في سوق التدريب في داخل المملكة وخارجها، ثم تسمية "خطة التدريب السنوية!" وعند التأمل في هذه الخطط يلاحظ انها بعيدة كثيراً عن التخطيط السليم الذي من أول شروطه دراسة ومسح الواقع بشكل دقيق ثم تحديد متطلبات التنمية والتدريب الأكثر احتياجاً أو الأكثر مناسبة ثم البحث عن أكثر الدورات وأكثر البرامج التدريبية تحقيقاً لهذه المتطلبات. 2- ان التدريب "إذا كان مدروساً ومنتقى ومعداً بعناية" ليس إلا جزءاً "وربما يسيراً" من العلاج، وليس إلا جزءاً "وربما يسيراً" من متطلبات التنمية البشرية والإدارية والمالية والنوعية وغيرها في أية مؤسسة. 3- التدريب لا يغني أبداً عن رؤية وأهداف واضحة يسير عليها العاملون، ولا عن تنظيم سليم لاجراءات العمل، ولا عن خدمات محترمة وراقية للعملاء، ولا عن تخطيط يشارك فيه الجميع، كما لا يغني التدريب عن مشاركة في اتخاذ القرارات وفي علاج الصعوبات، ولا عن تقدير وحفز واحترام مستمر ولا عن محاسبة مستمرة أيضاً، ولا عن منح للثقة وتفويض للصلاحية، ولا عن أجور عادلة ومعاملة لائقة! "بحسب سام ديب وليل سوسمان في كتابهم (الخطوات الذكية) عند حديثهما عن أن الثناء لا يكفي وحده". 4- التدريب لا يغني عن اختيار موضوعي للكفاءات المخلصة، خاصة في مستوى المسؤولية! يقول عالم الإدارة الأمريكي الشهير بتر دركر: على الإدارة في تعييناتها ان توضح ان الاستقامة هي المطلب المطلق الوحيد في المدير، وهي الخاصية التي عليه ان يأتي بها معه، ذلك لأنه يمكن توقع اكتسابه لها فيما بعد!. 5- عدم الخلط بين التعليم وبين التدريب، فالتعليم هو لبناء المعرفة الأساسية ذات العلاقة بالوظيفة والتدريب هو لصقل هذه المعرفة ولتنويع وزيادة المهارات ورفع كفاءة أداء الموظف. ولذلك فإن التدريب لا يمكن أن يغني عن تعليم أساسي ومعرفة أساسية لكل وظيفة، فلا يعقل أن يؤتى بمدير أو موظف لوظيفة لا تتوفر فيه الأسس المعرفية والعلمية ثم تحاول المؤسسة مواءمته مع الوظيفة من خلال التدريب!.. عليها أن تختصر الطريق وأن تأتي بالأنسب والأصلح علماً ومعرفة ثم تطور مهاراته ومعارفه وتصقل خبراته من خلال الممارسة والتدريب والتوجيه وغير ذلك. 6- ضرورة التأكيد في جميع الدورات والبرامج التدريبية على الترابط بين مختلف العوامل التي تحقق الاستفادة المثلى من الدورة أو البرنامج، وأهمها العوامل الثقافية والقيمية للمجتمع وللمؤسسة وللعاملين فيها مثل: "الأمانة، الصدق، القيم والأخلاق الإسلامية"، وكذلك العوامل التنظيمية والإدارية المختلفة مثل: "الهيكل التنظيمي، أنظمة التقييم والحوافز، التنظيم الداخلي والسياسات والإجراءات، اللائحة الداخلية، إجراءات الاختيار الموضوعي للموارد البشرية". 7- التأكيد دائماً على أن الدورات وخاصة التطويرية هي مساهمة فكرية منهجية عملية في التطوير الإداري والبشري والشخصي ويبقى الدور الأكبر والشخصي على المتلقي في ممارسة ما اطلع عليه وتعلمه في مختلف الدورات، وعلى الجهة التي يعمل بها في تهيئة البيئة المناسبة، فحضور الدورة فقط لا يضمن للحاضر النجاح والتطوير العملي ولا للمؤسسة التي يعمل بها إذا لم يقم بممارسة ما ذكر في الدورة على الواقع وإذا لم تهيئ المؤسسة الظروف المناسبة لذلك وإذا لم تكتمل العوامل والأسباب الأخرى. فإذا حصل التدريب وفقاً للاعتبارات السالف ذكرها فإن له فوائد جمة، من أهمها: 1- توجيه الجهود والطاقات نحو تحقيق الرؤية والأهداف الاستراتيجية والخطط التنفيذية للمنظمة. 2- تقليل الأخطاء، وتحسين نوعية الأداء. 3- تحسين وتطوير مهارات وقدرات ومعارف الموظف أو المدير لأداء مهامه وواجباته بكفاءة عالية. 4- تفتيق الطاقات الفكرية وصقل المهارات والمواهب واستخراج كوامن الإبداع لدى الموظفين ليساهموا في التطوير والتحسين والتجديد وعلاج المشاكل. 5- رفع الروح المعنوية للموظفين وإشعارهم بتقدير الإدارة لهم واهتمامها بهم. لأسئلتكم واستفساراتكم بريد الكتروني [email protected] فاكس: 4871070