قبل أن يصلنا (المصباح الكهربائي) الذي اخترعه السيد (أديسون) وطوَّره أبناء جلدته، كانت الحياة في الليل موحشة.. وكان خيالنا المريض بحكايات (الدجِّيرة) و(أم العباية) و(هول الليل) يجسِّد لنا أشكالاً وألواناً لهذه المخلوقات التي لم نرها قط! لكنني سمعت المؤرخ الشيخ (عبدالقدوس الأنصاري) يرحمه الله، يروي قصة رحلة له من جدة إلى المدينة قبل (السفلتة)، تاه فيها (الركب) في (الخبت) وضل الطريق، فاهتدى إلى أنوار بعيدة هي أشبه بأعراس البادية، فقصدوها لالتماس الطريق الصحيح، وحينما وصلوا إليها لم يجدوا شيئاً، فباتوا في مكانهم في انتظار نور النهار.! اليوم ما عاد يرهبنا (هول الليل)، بعد أن عصفت الكهرباء بآخر فلول الظلام.. وملَّ (الجن والعفاريت) من خداعنا وترويعنا.! فإذا كان (هول الليل) قد ذهب إلى غير رجعة، فمن ينجينا من (هول النهار)؟!