ربما كان من القسوة جداً أن نقول إن سياسة إسرائيل نحو إيران إثر التقرير الاستخباري الأمريكي قد انهارت، ولكن إسرائيل قد تلقت صفعة مدوية من خلال هذه الخطوة. أولاً كان هذا فشلاً ذريعاً للاستخبارات الإسرائيلية التي لم تلاحظ كيف قامت حليفتها المقربة بتركها وحدها في الميدان مغيرة موقفها وتقديرها للمسألة. التعاون بين أجهزة الاستخبارات في الدولتين لم ينحصر في تبادل الآراء والتقديرات، وإنما تضمن كشف المشروع النووي الإيراني ايضاً. ليس هذا تغيراً فجائياً، التقويم الاستخباري القوي يتبلور خلال فترة زمنية طويلة، تلعثم قادة الاستخبارات والمستوى السياسي عندما قالوا إنهم يعرفون بأمر الموقف الجديد منذ شهر، يجب أن يكون مسألة مثيرة للقلق. من الواضح إن التطورات في الولاياتالمتحدة قد غابت عن أعين الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية ولجنة الطاقة النووية ووزارة الخارجية. إذا كانت أجهزة الاستخبارات والمستوى السياسي في إسرائيل لا تعرف بما يحدث في واشنطن نفسها، فكيف يمكن أن نصدقها عندما تدعي أنها تدري بما يجري في طهران؟ هذه الكبوة في الموضوع الإيراني تذكر بصرعة ليبيا المفرقعة قبل خمس سنوات. حينها ايضاً لم تعرف الاستخبارات الإسرائيلية بأن ليبيا توشك على انتاج سلاح نووي، وفوجئت عندما تبين ان أمريكا قد نجحت في تجريد القذافي من سلاحه. الاستخبارات الإسرائيلية ستزيد الآن من جهودها للبرهنة على انها محقة وان ايران لم تجمد مشروعها النووي العسكري. ولكن إذا كانت لديها معلومات قوية تناقض التقدير الأمريكي فقد كان على رئيس الموساد مئير دغان ان يسارع في ايصالها الى الحلفاء في واشنطن، ولكن لا. من المحتمل أن تكون الولاياتالمتحدة مخطئة في تقديرها، و لكن من المعقول ايضاً ان تكون اسرائيل هي المخطئة بالتحديد. وهناك احتمال آخر ربما كانت المعلومات وقاعدة المعطيات الموجودة في الدولتين متشابهة، ولكن كان هناك من قام في إسرائيل "بطبخها" بحيث تكون لها تفسيرات متشددة خدمة لمصلحته الشخصية أو الأمنية. من هنا يعتبر السؤال حول صحة التقدير الاستخباري الأمريكي أو عدمها ثانوياً الآن. بناءً على التقديرات الاستخبارية في اسرائيل بلورت الحكومات فيها في السنوات الأخيرة سياسة مفادها أن إيران هي تهديد وجودي. اثر ذلك تم تحويل مبالغ ضخمة للموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية وسلاح الجو من أجل الاستعداد لمعالجة التهديد والتصدي له، كما تشكلت ايضا وزارة خاصة من اجل هذا الغرض برئاسة الوزير افيغدور ليبرمان. المطلوب من اسرائيل الآن ان تغير قرصها وان تتحقق باستقامة ونزاهة اذا كان هناك مكان لمواصلة نفس النهج وكأن شيئاً لم يحدث. من الأفضل تقويم الصفوف مع الولاياتالمتحدة والتركيز في ما لم يحظ بالاهتمام في التقرير. ان سياسة العقوبات أثمرت والدليل أن ايران قررت تجميد مشروعها النووي العسكري. يتوجب مواصلة العقوبات، ومن الأفضل لإسرائيل ان تتخلى عن نهجها الجبروتي القائل إن الضربة العسكرية وحدها هي التي ستحل المشكلة. ربما كان رئيس الموساد السابق، افرايم هليفي، صادقا رغم ذلك في دعوته للتحاور مع إيران. يوسي ميلمان صحيفة هآرتس