وصف الدكتور زهير بن يوسف الهليس الاستشاري المتميز في جراحة قلب الأطفال والدورة الدموية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمس بتقليده وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى بأنه فخر لكل مواطن معطاء لوطنه وشعبه، وتقدير كريم من الوالد القائد لكل عالم أنجز ورفع اسم المملكة في الداخل والخارج. وكشف في حوار مع "الرياض" عن رفضه للهجرة خارج البلاد إثر عروض مغرية تلقاها من كندا وأمريكا بغرض العمل . وقال: تلقيت عروضا من كندا وأمريكا للعمل والهجرة والجنسية وبراتب يقدر بنحو مليوني دولار سنوياً، وقوبلت هذه العروض بالرفض، مقابل رد الدين للوطن الذي هو انطلاقتي نحو التميز واحمد الله على ما وصلت إليه الآن من تفوق ونجاح، والذي أسعدني كثيرا هو تقدير القيادة لكل منجز متميز. وأوضح الجراح المتميز الهليس بان ما يقارب من 85% من عملياته أجراها داخل المملكة في حين البقية في دول عربية وأجنبية يصل عددها إلى 14دولة، مشيراً إلى أن نسبة نجاح العمليات تصل إلى 100% في حالات كثيرة. @ كيف ترى هذا التكريم؟ - التكريم هو تقدير واعتراف بالمجهودات التي بذلتها في خدمة الوطن، واحمد الله أنني نلت هذا التقدير من لدن خادم الحرمين الشريفين "حفظة الله" ، واعتبر ما قدمته هو خدمة لبلدي وابنائه الكرام. @ كلمات خادم الحرمين الشريفين لك أمس كانت مباشرة، كيف تلقيتها كطبيب؟ - وجدتها مشجعة لي في تقديم المزيد من العطاء، وجاءت من القلب إلى القلب بشكل مباشر وشعرت بالتقدير العظيم طول مشوار حياتي الصعب وقد وجد التقدير من الوالد القائد "حفظه الله" ، وهو ما أثلج صدري . @ نريد موجزا حول بدايتك؟ - إنا خريج أول دفعة من كلية الطب في جامعة الملك سعود بالرياض، عام 76م وقدمت من المنطقة الغربية "جدة" لغرض الدراسة، وبعد تخرجي التحقت بالعمل في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض في قسم الجراحة، وكنت أول طبيب سعودي يلتحق بصفة دائمة كموظف في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، وبعدها بدأت اهتم في جراحة القلب، وابتعثت عن طريق المستشفى التخصصي لإكمال الدراسات العليا في كندا، وأمريكا في مجال الجراحة العامة وجراحة القلب والأوعية الدموية، وكنت أول طبيب يتم ابتعاثه عن طريق المستشفى التخصصي للدرسات العليا بالخارج، وبعدها فتح باب الابتعاث بالمستشفى، وأنا اشعر بالفخر كوني فتحت باب الابتعاث الذي كان غير وارد بالنسبة للمستشفى التخصصي من قبل، وبعد أن أنهيت الدراسات العليا رجعت للمملكة ومارست عملي في المستشفى التخصصي كاستشاري جراحة قلب وكانت رحلة طويلة على مدى 20عاماً بعد نهاية الاختصاص، وساعدتنا الإدارة أيام ما كانت الإدارة لدى الدكتور فهد العبدالجبار، ثم الدكتور أنور الجبرتي، وتوجت الجهود بالانجازات، فمنذ أربع سنوات أقيم مركز الملك فيصل للقلب بالمستشفى التخصصي ووقتها كرمنا من قبل الأمير سطام بن عبدالعزيز نيابة عن سمو الأمير سلمان وذلك عند افتتاح المركز، وكان ذلك في شهر مارس عام 2004م، ومن عام 77م وأنا بالمستشفى التخصصي وحتى الآن وخلال هذه الفترة كان لدي اهتمام خاص في جراحة قلب الأطفال، وربنا انعم علينا بمهارات خاصة جعلت النتائج والحمد لله من أفضلها بالعالم ومشهودة في المؤتمرات والندوات العالمية. @ سبب دخولك لتخصص القلب وخاصة جراحة الأطفال؟ - لم يكن هناك مخطط معين، بل أيام الدراسة بالثانوية العامة كان اهتمامي بالهندسة والفروع الهندسية، ولم يكن لدي اهتمام بالطب ولكن بعد ان أجريت المقابلة مع عميد الكلية آنذاك معالي الدكتور حسين الجزائري قبلت بكلية الطب، وتوكلت على الله بعدها ونوفقت ولله الحمد. @ من يعود له الفضل بنجاحك الآن وتميزك؟ - مشواري طويل وهناك أناس كثر، ولكن في بداياتي كان الوالد رحمة الله كان يشدد على المثابرة والجد والاجتهاد والانضباط وهو من أسس حبي للعلم والتميز، يضاف إلى ذلك الفرص التي تتيحها الدولة لكل الشباب من ناحية التعليم، والابتعاث للخارج، وجميع هذه الظروف تجعل الإنسان يتميز وتشعره بالخجل عند فشله بعد هذه التسهيلات، وعند عودتي كان الدكتور فهد العبدالجبار، فهذا الشخص أدين له بالشئ الكثير فهو من أعطاني المساحة للإبداع في مجال جراحة القلب. @ تخصصك بالصغار أم الكبار أكثر؟ - تخصصي بالاثنين ولدي اهتمام اكبر بالصغار. @ لماذا للأطفال أكثر؟ - نظرتي للطفل انه في بداية حياته وهو مستقبل الأمة، وأمام الطفل عمر ومستقبل يجب أن يقضيه بدون معاناة مع المرض، والعائد للمجتمع ككل يكون للطفل أكثر بكثير من الجراحات الأخرى، ولكن للانسان الحق في العلاج أيا كان عمره ، والأطفال يعتمد عليهم في المستقبل ويجب أن يكون جيل سليما معافى. @ ما هي الصعوبات التي واجهتك خلال مسيرة عملك؟ - الصعوبات كثيرة، ولكن المحطات التي اذكرها كوننا نحن أول دفعة وأول كلية طب بالمملكة وكانت كلية غير مسبوقة وكنا تحت المجهر إن صح التعبير، وكان علينا كمجموعة أن نثبت وجودنا، فهي كلية جديدة والشكوك تدور حولنا وكانت هناك صعوبة، والصعوبة الأخرى المنافسة الشديدة عندما ذهبت للخارج، فكان ينظر لنا بنظرة فوقية، ودائما كنت تحت ضغط نفسي شديد، والمحطة الأخيرة كانت الدخول بالحياة العملية والانجازات التي كنت حريصاً على تحقيقها كانجاز تلو الآخر. @ ما هي الانجازات التي ترى أنها محل فخر واعتزاز لديك؟ - الأطفال، والعناية المركزة بعد عملية جراحة القلب للأطفال حيث كان مستواها غير جيد، والمجهود الذي قمنا به أنا وزملائي أحدثنا نقلة نوعية بالنسبة للعناية بجراحات قلب الأطفال في أعمار يوم ويومين إلى الأعمال المتقدمة وهذه النقلة أصبحت مرجعاً، وأي مركز يفتح بالمملكة وأي طبيب يرجع من الابتعاث أصبح لدينا مرجعاً ومستوى عالياً، وافتخر بالمشاركة الفعلية بقيام مركز الملك فيصل للقلب بالتخصصي ومكتمل الخدمات، ومشاركتي بتطوير علوم جراحة القلب وأمراض القلب في المملكة بالتعاون مع مركز الأبحاث بالمستشفى. @ أنت أنجزت نحو 15ألف عملية جراحة قلب مفتوح، سؤالي هل هي بالمملكة وحدها؟ - ال 15ألف عملية أجريتها في أقطار كثيرة معظمها بالمملكة العربية السعودية. @ وكم نسبة العمليات التي أجريتها بالمملكة من مجمل العمليات؟ - فوق 85% من عملياتي أجريتها بالمملكة، وتلقيت دعوات كثيرة من دول لمساعدتهم بإجراء جراحة الأطفال للقلب المعقدة والمساهمة في تأسيس مراكز مختصة بالقلب في بلدان عربية وأجنبية. @ ما هي هذه الدول التي أجريت بها العمليات؟ - أجريت عمليات في دول : اليمن والإمارات وقطر ولبنان وسوريا ومصر والمغرب وإيران وباكستان والهند وايطاليا وأمريكا وكندا، وفلسطين. @ ما طبيعة هذه العلميات؟ - جميعها عمليات أطفال معقدة. @ لاشك أن هناك لحظات حرجة خلال مجريات العملية للقلب خاصة، كيف تتعامل معها؟ - نعم.. هناك لحظات كثيرة تعتبر حرجة، فعند إجراء العملية القلب المفتوح نقوم بتوصيل الدورة الدموية بدورة دموية خارجية، أو ما تسمى بمضخة قلب ورئة صناعية، وقلب المريض نفسه نوقفه بصفة مؤقتة عن العمل حتى نستطيع إجراء العملية وبعد انتهاء إجراء العملية نرجع الدورة الدموية لطبيعتها، فإرجاع الوظيفة إلى طبيعتها تكون أصعب اللحظات، وان ترى القلب الذي كان ساكنا هو الآن ينبض بالحياة ويقوم بعملية الدورة الدموية بالنسبة للمريض.، ونحاول دائما بإجراء التشخيص السليم للمريض قبل إجراء العملية ولكن في بعض العمليات قد يفاجأ الطبيب بوجود أشياء غير مشخصة وهذه لحظات حرجة وبالتالي على الجراح أن يتعامل معها بصورة صحيحة. @ كم نسبة نجاح العمليات التي أجريتها؟ - نسبة نجاح العمليات يختلف حسب تعقيد العملية وحسب صعوبتها ففي بعض العمليات نستخدم نظاماً يقيم العمليات حسب مراحل صعوبتها، فهناك عمليات غير معقدة ونجاحها 100% وهناك عمليات صعبة قد تصل نسبة النجاح من 100% إلى 60أو 70%. @ خلال مشاركاتك الخارجية وبالمناسبات الطبية، هل تلقيت تقديراً لما تقوم به من تميز في هذا التخصص؟ - نعم، هناك تكريم كمحاضر في المؤتمرات، ولكن على مستوى الوسام لم يحصل إلا من خادم الحرمين الشريفين "حفظه الله" وهو أغلى وسام، وقمت بعمل كبير في إيران وتم ترشيحي لجائزة إيرانية تسمى جائزة الخوارزمي، وحصلت من شركة المراعي جائزة البحث العلمي منذ 3سنوات، وعينت كبروفيسور بالجامعة الأمريكية بكلية الطب ببيروت. @ ما هي أطول عملية أجريتها؟ - متوسط العمليات بحدود 4ساعات ولكن قد تمتد إلى 17ساعة عند حدوث مشاكل. @ تميزك في تخصص دقيق وهام، لا شك انه نقلك للعالمية.. سؤالي هل تلقيت عروضاً مغرية من دول عربية او أجنبية. تلقيت في كندا وأمريكا للعمل والهجرة والجنسية. @ وهل مغرية تراها؟ - نعم هي مغرية، من ناحية الراتب والذي بلغ ما يقارب مليوني دولار بالسنة وهو يعطى للمتميزين. @ وماذا كان ردك عليهم؟ - الإغراءات كثيرة، والمشوار بدأ من وطني ويجب أن أرد الدين له في خدمته وخدمة أبنائه، والحياة في الغرب عشتها وفيها من الملاحظات غير المريحة لنا كأبناء فطرة، وحياتنا ولله الحمد أفضل بكثير.