في الوقت الذي مرت فيه قبل أيام قليلة الذكرى السنوية السادسة لوصول أول مجموعة من السجناء إلى قاعدة البحرية الأمريكية في خليج غوانتنامو في كوبا فإن منظمات حقوق الإنسان تحاول تركيز انتباه الرأي العام وإحداث تمحيص من قبل الكونغرس على ما يطلق عليه معتقل غوانتانامو آخر وهو معتقل في قاعدة عسكرية أمريكية بمدينة باغرام العتيقة الكائنة بالقرب من شاريكار في منطقة بارفان في أفغانستان أنشأتها القوات الأمريكية كموقع رصد مؤقت بعد غزوها لأفغانستان في عام 2003م واطاحتها بنظام طالبان حيث يضم المعتقل حالياً نحو 630معتقلاً مما يقارب تقريباِ ثلاثة أضعاف الذي لا يزالون رهن الاعتقال في غوانتامو. وفي عام 2005م وفي أعقاب تقارير جيدة التوثيق عن عدد موتى المعتقلين في باغرام الذين تعرضوا للتعذيب فضلاً عن أعداد حالات اختفاء سجناء تعهدت الولاياتالمتحدة بتحويل مسؤولية السجن إلى الحكومة الأفغانية غير انه وبسبب الاجراءات البيروقراطية القانونية والإدارية فإن السجن لا يزال تحت سيطرة القوات الأمريكية وقد أظهر تقرير أخير لمنظمة الصليب الأحمر الدولية استمرار سوء معاملة السجناء في هذا المعتقل. وأوضح التقرير المعني اكتظاظ مفرط للسجناء والظروف السيئة التي يعيشونها بالإضافة إلى عدم وجود قاعدة قانونية بشأن عملية الاعتقال نفسها والحبس الانفرادي في زنزانات مجهولة يتعرضون فيها في بعض الأوقات لانتهاكات مخالفة بذلك تعاهدات جنيف بل وان بعض السجناء معتقلين بدون توجيه تهم ضدهم أو السماح لهم بالاتصال بمحامين وذلك لما يزيد على خمس سنوات. وقال التقرير ايضاً ان عشرات السجناء وضعوا رهن الحبس الانفرادي لمدة أسابيع وحتى شهور في أماكن أخفيت عن أعين المفتشين الدوليين. ووصفت هينا شامسي من اتحاد الحريات المدنية الأمريكية معتقل باغرام بالسيئ وانه لا يقل سوءاً عن معتقل غوانتنامو وقالت شامسي انه عندما يكون هناك سجناء رهن الاعتقال والسيطرة الأمريكية فإن قيمنا تكون في خطر كما أن التزامنا بحكم القانون يكون محك اختبار مضيفة ان تقرير الصليب الأحمر يعطي الانطباع بأننا نواجه الرسوب في هذا الاختبار. ومضت شامسي قائلة انه ازاء هذا الموقف فإنه يتعين على الكونغرس والسلطة التنفيذية التحقق مما يحدث في باغرام إذا ما رغبنا في عدم حدوث تكرار مأساوي للتاريخ. وكانت مشاكل باغرام قد ظهرت على السطح في عام 2005م في أعقاب حصول صحيفة نيويورك تايمز على تقرير للجيش الأمريكي مؤلف من ألفي صفحة بشأن موت سجينين من المدنيين الأفغان كانا رهن اعتقال الجيش الأمريكي في عام 2002م حيث بادر مسؤولون عسكريون أمريكيون وقتها بالقول بأن وفاتهما كانت لأسباب طبيعية ونفي قائد قوات التحالف في أفغانستان آنذاك اللفتنانت جنرال دانيل مكنيل بأن السجينين تعرضا للتعذيب نافيا كذلك بأن تكون الأوضاع في باغرام تعرض حياة السجناء للخطر غير انه وبعد عملية تحقيق من قبل الصحيفة فقد أقر الجيش الأمريكي بأن موت السجينين كان في حقيقة الأمر قتل حيث أظهر التشريح للجثتين تعرضهما لتعذيب حتى الموت ووجه محققو الجيش تهماً لثمانية وعشرين من الجنود وقوات الاحتياطي. ومن الملاحظ بأن معتقلي غوانتامو وباغرام قد تم تجاهلهما في حقيقة الأمر في حملة ترشيحات عام 2008م للرئاسة الأمريكية باستثناء اعتراف حاكم اركنساس السابق مايك هكابي بأن غوانتنامو أصبح رمزاً مدمراً لسمعة ومكانة الولاياتالمتحدة وليس في مصلحتها الوطنية. وكان الرئيس بوش قد أعرب عن رغبته في إغلاق معتقل غوانتنامو غير انه لم يتخذ اجراء بهذا الشأن حتى الآن. وسبق أن قال وزير الخارجية الأمريكي السابق كولين باول في يونيو عام 200م بأنه إذا كان الأمر بيدي فإنني لن أغلق غوانتنامو غداً ولكن فوراً كما تردد بأن وزير الدفاع روبرت غيتس يدفع في اتجاه إغلاق المعتقل لأنه أضحى سيئ السمعة في الخارج. "نيويورك تايمز"