تفرض إسرائيل حصاراً كاملاً على قطاع غزة منذ يوم الخميس 17يناير من عامنا الحالي 2008م وهو أمر خطير للغاية لأنه استهدف قطع كل سبل الحياة على الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة، ونتج عن هذا الحصار موت المرضى في المستشفيات بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المرضى في العناية المركزة لأن تل أبيب قطعت الكهرباء عن قطاع غزة ومنعت تصدير الوقود إليه، كما تعذر معه توليد الكهرباء في داخل قطاع غزة. إن محاصرة مليون ونصف مواطن بمنع كل سبل الحياة عنهم هي ظاهرة جديدة لم يعرف التاريخ حصاراً مثيلاً لذلك عبر مراحل التاريخ حتى في عهوده السحيقة الموغلة في الظلمات، وهو يحدث اليوم في القرن الواحد والعشرين الذي وصلت الحياة فيه إلى معطيات حضارية تحافظ بدقة وعناية على حقوق الإنسان، ويحاول وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أن يبرر هذا التصرف غير الإنساني في قطاع غزة بأنه رد على إرسال حماس لصواريخ على جنوب إسرائيل، وهو تدبير باطل لأن استمرار الوجود الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م مع التوجه بفرض الاستعمار الاستيطاني عليها يعطي "أهل البلد" المواطنين الحق الكامل في الدفاع عن أنفسهم بكل السبل والوسائل ضد هذا الاستعمار الاستيطاني ليس هذا مجرد قول ولكنه حق مشروع تنظمه كل أحكام القانون الدولي العام. إن هدف إسرائيل المعلن هو الخلاص من حماس منذ أن وصلت إلى السلطة وتشكيل الحكومة الوطنية وزاد هذا الهدف الحاحاً عندما تم الانفصال بين فتح وحماس التي استطاعت أن تسيطر على قطاع غزة مما دفع بالجيش الإسرائيلي إلى مواصلة الضرب المسلح لقطاع غزة بهدف إسقاط حماس من مواقع التأثير وهو هدف لم تخفه إسرائيل بل أخذت تعلن عنه في مراحل مختلفة من صراعها الدائر ضد الشعب الفلسطيني لأنها تريد شعباً أعزل يخضع لإرادة إسرائيل ولا يمتلك القدرة على المواجهة المسلحة مع تل أبيب. إن هذا الحصار اللاإنساني المفروض على قطاع غزة الذي يستهدف قتل الشعب كله يدعوني إلى المطالبة من لجنة محامين تشكل على المستوى الدولي لتدرس هذا الحصار الكامل على قطاع غزة وتعلن رأيها فيه وكيفية الخروج منه، وأدعو الدول العربية إلى رفع شكوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لتصدر فتوى قانونية تدين إسرائيل بالحصار اللا إنساني على قطاع غزة والذي يتناقض تماماً مع معطيات العصر الذي يعيش فيه اليوم. لا شك عندي أن رأي لجنة المحامين الدوليين والفتوى التي ستصدر من محكمة العدل الدولية في لاهاي سيدينان إسرائيل بالعدوان على الشعب الفلسطيني ويطالبان بفك هذا الحصار عن قطاع غزة.. القضية ليست بالبساطة التي أدعو إليها، فهي تحتاج إلى مجهود يبذله المحامون العرب لا ستقطاب مجموعة من المحامين الدوليين ليشكلوا لجنة تدرس هذا الحصار وتصدر رأياً قانونياً فيه، وأن فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي تحتاج إلى جهد كبير من الدول العربية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة لإحالة هذا الحصار الإسرائيلي إلى المحكمة الدولية في لاهاي ليصدر القضاة بها فتوى تدين إسرائيل بهذا الجرم. يفرض هذا اللجوء إلى المحامين الدوليين وإلى محكمة العدل الدولية في لاهاي الفساد الأمريكي الذي يستخدم الفيتو الذي يجعل مجلس الأمن عاجزاً عن اتخاذ قرار في هذه الأزمة الإنسانية لقطاع غزة، وثبت فساد واشنطن من أن أمريكا حليفة إسرائيل ترفض تسوية هذه المشكلة في قطاع غزة التي قبلت بها 14دولة عضو بمجلس الأمن وشذت عن هذا الاجماع أمريكا التي هددت باستخدام الاعتراض "الفيتو". عقد اجتماع مجلس الأمن بطلب من الدول العربية لمواجهة ما وصفه الاتحاد الأوروبي "بالعقوبة الجماعية" التي فرضت على مليون ونصف فلسطيني في قطاع غزة، وناقش سفراء الدول الخمس عشرة الأعضاء بمجلس الأمن مشروع بيان قدمته ليبيا التي تتولى رئاسة المجلس خلال شهر يناير 2008م والبيان يدعو إسرائيل إلى رفع الحصار وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين، ويدعو إسرائيل إلى الالتزام بواجباتها بموجب أحكام القانون الدولي العام واحترام حقوق الإنسان ووقف كل إجراءاتها وأعمالها غير المشروعة ضد المواطنين المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، علق مندوب أمريكا زلماي خليل زاد أن مشروع البيان غير مقبول لأنه لا يشير إلى الهجمات بالصواريخ التي ترسلها حماس ضد الأبرياء الإسرائيليين أعلن عن مجلس الأمن أن 14عضواً وافقوا على التوصل إلى نص يحقق التسوية ويقضي على الحصار في قطاع غزة باستثناء العضو 15أمريكا التي تحفظت وأعلنت صعوبة التوصل إلى تسوية مقبولة. وصرح مندوب ليبيا جادالله الطلحي الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن أن الأعضاء يريدون استشارة دولهم قبل التصويت على البيان، غير أن معظمهم وافق على أن يكون مشروع البيان أساساً للمناقشات. صرح المندوب الفرنسي جان موريس ريبير أن فرنسا على استعداد لتبني نص يعالج القلق القائم في داخل مجلس الأمن حيال الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، وطالب بأن يكون النص يعالج كل حالة التدهور للوضع القائم في قطاع غزة. أكد المراقب الفلسطيني بالأمم المتحدة رياض منصور من المهم أن يتحرك مجلس الأمن لإنهاء مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. قال مندوب إسرائيل جلعاد كوهين إن من واجب إسرائيل حماية شعبها بالدفاع عنه من صواريخ حركة حماس، وفي هذا السياق صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جونزالو جاليجوس "لا نريد أن نرى أزمة إنسانية في قطاع غزة". يتناقض هذا القول مع المسلك الأمريكي الذي يلوح بالفيتو ضد تسوية ترفع الحصار اللا إنساني عن قطاع غزة دون أن تراعي آثار هذا الحصار على الشعب الفلسطيني.