كانت السنة الماضية 1427ه سنة مختلفة بأحداثها الحزينة المتشحة بالسواد فقد ثكلت الساحة الشعبية بفقد مجموعة من أعلام الشعر النبطي وعمالقته فقد غيب الموت الأمير عبدالله الفيصل والشاعر عبدالمعين بن ثعلي العتيبي والشاعر عبدالهادي بن راجس السبيعي والشاعر محمد سليمان الدرم والشاعر صياف الحربي وكان آخرهم الشاعر متعب العنزي وغير هؤلاء آخرون.. ولكن هذه الأسماء هي الأبرز وسأتحدث عن ثلاثة من هؤلاء أرى أنهم لم ينالوا ما يستحقونه من الأضواء في حياتهم ولم يكتب عنهم ما يليق بمكانتهم الادبية بعد وفاتهم فمر موتهم على الإعلام مرور الكرام ما خلا خبر صغير ينعاهم في احدى الصحف مع العلم أن كل واحد من هؤلاء يستحق ان يكتب عنه وعن شعره الكثير؛ الشعراء الثلاثة الذين سأتحدث عنهم تجمعهم كثير من الامور فهم يعتبرون من شعراء الصف الاول لمدرسة الاصالة التي يسمونها (التقليدية)، وهم من جيل واحد تقريباً وان تفاوتت أعمارهم، وهم كذلك ممن عاش تجربة ثرية بين الماضي والحاضر، وهؤلاء الشعراء لم ينالوا حظاً من الظهور في وسائل الإعلام، كما أن شعرهم لم يوثق فلم يصدر لأي منهم ديوان شعري، رغم ضخامة انتاجهم وجودته، واني أناشد أبناءهم بالاهتمام بجمع قصائدهم وحفظها، كما أناشد الجهات المسؤولة كوزارة الاعلام ممثلة في جمعية الثقافة والفنون وكذلك القائمين على المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالحرس الوطني وايضاً جمعية اللهجات والتراث الشعبي بالاهتمام بمثل هذه القامات الشعرية الباسقة بتبني اصدار دواوينهم على أقل تقدير وهو أقل ما نقدمه وفاء لهؤلاء الذين انتقلوا الى رحمة ربهم ولم يعرف قدرهم فهل نقدرهم بعد فقدهم؟!. في يوم الجمعة 28جمادى الآخرة 1428ه انتقل الى رحمة الله الشاعر الكبير عبدالمعين بن عقل بن ثعلي العضياني العتيبي احد الشعراء المعروفين على مستوى المملكة والخليج العربي عن عمر يناهز سبعة وتسعين عاماً بعد معاناة طويلة مع المرض أدخل على إثرها لأحد المستشفيات بالطائف وقد أديت الصلاة عليه في مسجد عبدالله بن العباس بمحافظة الطائف وكان مولد هذا الشاعر عام 1331ه تقريبا وعاش حياته في مرابع البادية يتنقل بإبله يتتبع الكلأ بين عالية نجد وأطراف الحجاز حتى حطت به عصا التسيار مستقرا في بلدة المحاني سنيناً عديدة حتى وافته المنية أخيرا بالطائف وكان معروفاً بأخلاقه الفاضلة وصدقه وحكمته؛ يتسم شعر ابن ثعلي بالأصالة وقوة السبك وجودة المعنى مع سلاسة الالفاظ وطول النفس تقف امام كل بيت من أبياته طرباً وأمام كل قصيدة معجباً، طرق كل أغراض الشعر فأبدع فيها أيما إبداع وظهر تأثره بحياة البادية في شعره فصورها أجمل تصوير ومن قصائده الرائعة: يابدير ما ازين شبت العصر للنار لامالت الفيه وحار الظلالي وهب البراد وسير الجار للجار وجات السوالف بين غالي وغالي سوالف بين النشاما لها كار ليا مشى فنجال بيض الدلالي ربع لهم مع شبت العصر مسيار ذولا بني عمي وذولا خوالي يرجع بهم قلبي لياسج واحتار وتدله بهم عيني لياضاق بالي وله في حياة البادية: والله لو ان الغرس والقصر والبير تمشي على ما في هواية وناعي عن ديرتن فيها تدب الجعارير وفيها الدجاج وما شبه له يعاعي لشدوانزل في مرب الخواوير وامشي مع الحزم السماح الوساعي ليا اختلط نبت الزهر والنواوير غزيت في العبلة عمود الشراعي غربن من النفرة جنوب المخاضير شرقن من الفيضة شمال الكراعي ياويل مرباعن بهاك النهابير وياوي سلفانن بها القلب ياعي تلقا بها سمر البيوت الدواوير سمر البيوت مثولثات الرباعي بأطرافها كنه قصابة جزازير يفرح بها الطرقي ليا أضرم وجاعي ومن قصائده الغزلية يامل قلبن من هوى العذب متلول تلت رشا ملحا طويلن قليبه تلة رشا ملحا على السيم مفتول تقفي وتقبل به تروح وتجيبه عليك ياللي حط بالقلب نشبول شبيت لك بأقصى الضماير لهيبة روحي بروحه طول الايام مشغول وأرخي بقلبي شي ما ينحكي به غرو تفاصيله على كل مجمول شره الحلايا بالعذارا غريبة مربوع في قيماه بالقصر والطول هافي حشا كل المناظر عجيبة ومن حكمه: والله اللي يقتضي ممن يريدي لا تظنه والقدر ما فيه ظنه ويش بعد الموت من حبل الوريدي لادنت تلقا المنايا يجذبنه ما خلقت الا شقي ولا سعيدي حطك الله بين نار وبين جنه