ودائماً، وأبداً، وفي كل الأحايين يحضر التعليم بقوة كهم، وأولوية، وهاجس، وتطلعات، وأمل في تحقيق الإنجازات، ورفع مستوى التنمية، ووضع الوطن في مسارات التحديث، والتطوير، والتنوير، وفعل صنع المستقبلات التي نهم بها، ونتطلع لتحقيقها. التعليم المعقلن الذي يأخذ في خططه، وبرامجه، وقبل ذلك رؤيته أن يستثمر عقل الإنسان، ويفتح أمامه آفاق المعرفة الحقيقية الواعية، ويدربه على فعل الخلق، والإبداع، والتفكير الحر المستقل، ويضعه في مواجهة مع المتغيرات، والتحولات، والمستجدات التي فرضتها الثورة التقنية في العالم، وسباق الشعوب مع الزمن - الذي لا يرحم - في توجه مدروس ومعلمن إلى بناء نهضتها الاقتصادية، والاقتصاد مدماك ومحرك وموجه التاريخ، ونبض مساراته، وتأخذ هذه الرؤية في حساباتها القضاء تماماً على عمليات التقلين، وتحويل الكائن البشري إلى وعاء حفظ، مسلوب التفكير، وعمل العقل، ومعطل تماماً من كل مواهبه، وإدراكه، بمعنى أن يكون كائناً منمطاً، مقونناً مبرمجاً، بليداً، غبياً يقبل بدون نقاش، أو تفكير، ويحفظ دونما تمييز أو رفض، أو قبول، أو معرفة. ودائماً - أيضاً - الإنسان هو الثروة، وتأهيل هذه الثروة بالتعليم والتدريب والمعرفة وفتح فضاءات الخلق، والإنتاج، وإيجاد المناخات لتهيئة انطلاقات مواهبه الإبداعية، وتفتح مخزونه الاستعدادي لممارسة العطاء والخلق هو أمر ملح، ومطلوب ويحتاج إلى قرارات شجاعة، وفعل صناعة التاريخ المبهر والمضيء تصنعه القرارات الشجاعة. من هنا قرأت بكثير من الاحتفاء والاحتفال ما قاله خادم الحرمين الشريفين وما قاله ولي العهد - حفظهما الله - لدى استقبالهما لوزير التعليم العالي ومديري الجامعات، حيث وضعا نهجاً ومنهجاً. قال خادم الحرمين الشريفين "... أطلب منكم العمل على الارتقاء بمستوى جامعاتكم الفتية إلى المستوى المأمول، لتخريج أبناء وبنات هذا الوطن وهم قادرون على الإسهام الفاعل في خدمة دينهم ووطنهم..". أما ولي العهد فأكد على أهمية الرقي بمناهج ومخرجات الجامعات، وخدماتها المختلفة للمجتمع، والاستفادة من الخبرات بما يسهم في إعداد كوادر فاعلة ومؤهلة للانخراط في سوق العمل. وواصل سموه: ".. إن إعداد الشباب المتسلح بالعلم من أهم ركائز التنمية الوطنية.. للإسهام في مسيرة بناء ونماء الوطن..". هذا إيمان القيادة بالتعليم كمحرك لنهضة الشعوب، وإيمانها بالإنسان كثروة يعتمد عليها في تحقيق هذه النهضة، وهو إيمان كان راسخاً منذ التأسيس. ولا يزال، وسيظل، من هنا على القيادات التنفيذية المسؤولة عن التعليم أن تأخذ الخطط والبرامج والرؤى والأفكار كعمل تاريخي نعبر من خلاله إلى صنع المستقبلات.