هل تدير الانترنت سوق الأسهم؟ ربما يبدو مثل هذا السؤال غريبا عند البعض ولكن وبالنظر إلى أسلوب تعامل وتوجيه صغار المستثمرين والمضاربين في سوقنا المالية يمكن أن نقول نعم إن شبكة الانترنت تعد ركنا رئيسا مؤثرا في اتجاهات تداولات سوق الأسهم السعودي بحجمه الكبير وتداولاته الضخمة التي تتجاوز الستين ملياراً أسبوعيا. وعلى الرغم من وجود شركة خاصة لإدارة التعامل اليومي في السوق برأسمالها الذي يتجاوز المليار ريال ومع وجود المظلة الإشرافية لهيئة سوق المال وجهات الرقابة المالية إلا أن السوق في مجمله - خاصة في أوقات التقلبات - يكاد يكون رهنا بالمعلومات الشحيحة أحيانا والمضللة في اغلب الأحيان والتي تتسرب من خلال مواقع الانترنت وغرف الدردشة الالكترونية التي تديرها مجموعة من المضاربين ومديري المحافظ المالية. أما القاعدة التي يعرفها كل من خبر الأسواق المالية فتقول إن لكل سلعة ثمناً أما في سوق الأسهم فالثمن الحقيقي للسهم لا يتحدد بمعرفة العائد ومكرر الربح ولا بتوقع نسبة النمو للشركة الاستثمارية بل في المعلومة ولأن المستثمر والمضارب الصغير لا يملك المصادر الخاصة في أروقة القرار وفي مجالس إدارات الشركات فسيظل ضحية كل "هامور". ولهذا نجد هذا المستثمر الصغير يلعب لعبة الحظ وهو يتخذ قرارات البيع والشراء بدون أسس استثمارية بل تجده مدفوعا في قراراته بانفعالات "القطيع" التائه في الغابة. لا يمكن للمستثمر الصغير الذي وضع كل مدخرات السنين في سوق الأسهم أن يعرف تأثير الركود العالمي أو التهديدات العسكرية لهذه الدولة أو تلك على أسهم محفظته الهزيلة جراء الجوع المعلوماتي. تقول النصائح الرسمية رن على المستثمر البحث عن المعلومات من مصادرها... لا بأس سيبحث وسيحاول أن يستفيد من شعار "الشفافية والإفصاح" المرفوع من قبل مجالس الشركات المساهمة وغيرها ولكنه لأنه وجد الأبواب موصدة فلا سبيل أمامه إذاً إلا شبكة المعلومات أليس هذا عصر المعلومات وشبكة الانترنت درة التاج في مجتمع المعرفة. هناك على شبكة الدنيا سيجد هذا الباحث المحتاج للمعلومة أكثر من أربعمئة منتدى وموقع تخصصت في سوق الأسهم وتحليل الشركات والترويج لهذا السهم وتلك الشركة ومعها سيجد أيضا عشرات المواقع التي تستقبل طليات الاشتراك في توصية "سهم النسبة" وتوصيات مضاعفة رأس المال مقابل استقطاع نسبة من مخصص قوت عياله ليدخلوه بعدها موهوما إلى عالم الملايين من خلال رسالة "جوالية" تأتي كل أسبوع تحثه على الشراء وتنساه عند البيع. أمّا على منتديات الانترنت فيشاهد المستثمر الصغير حزما من الترويج المنظم لبعض الأسهم وتدغدغ خياله كلمات المحللين الفنيين عن "الشمعات" "والكوب بعروة" وحين يراقب تداولات السهم يجد "المضارب" يرفع رايات المكاسب الخضراء وبكميات تداول هائلة فيستجمع المسكين قواه وأمواله ثم يقذف بها في فم التنين وما هي إلا لحظات وإذا "بهامور" السهم يعلق الرايات الحمراء المضرجة بأحزان الموعودين بالثراء الذي لا يأتي. إذا هي المعلومة "سر الأسرار" وإلا كيف يُنفخ سعر سهم شركة ما قبل موعد إعلان ميزانيتها بأسابيع وحين تعلن الميزانية تهبط قيمة السهم إلى النسبة الدنيا وبعد تحليل كميات التداول خلال الأسابيع الفائتة تكتشف أن رفع السعر المفتعل كان مظلة للتصريف المتقن ممن يعلمون على من لا يعلمون. مسارات قال ومضى: أنت من قرر ألا يكون لك (موقف) فلا تبرر لنفسك الوقوف في طريق العابرين إلى (مواقفهم). [email protected]