@@ نحن نعيش زمن "أدلجة اقتصادية". @@ تتجاوز حدود.. ومفهوم "العولمة" بكل انعكاساتها على حياة الانسان في هذا العصر. @@ وعلينا أن نعترف.. بأن ما عجزت عن تحقيقه "الثقافة" على مدى قرون طويلة.. بحكم الرؤية الضيقة التي تحاصرنا بها "الأيديولوجيات" قد نجح في تحقيقه الفكر الاقتصادي المرتبط بحياة الانسان.. كل حياته.. وليس بفكره.. أو بعواطفه وغرائزه فقط.. @@ ذلك أن "أيديولوجيات الاقتصاد" استطاعت ان تجمع - في منظورها - بين المصالح والمواقف.. بين التأمل.. والتجربة.. وبين النظرية والمعايشة والتطبيق. @@ لقد ذوب الاقتصاد كل الفروق.. وتخطى الحواجز.. وأقام بدلاً منها جسوراً من الوعي والمصالح.. والحس الانساني الشامل والمشترك.. @@ وتخطى مفهوم "الخصوصية".. ونطاق "العزلة" و"سجف" الفصل بين الحضارات.. فما بالنا بالفروق "البشعة" الموجودة بين الشعوب نفسها.. وداخل الوطن الواحد.. @@ فمن أجل الرخاء.. والتقدم.. والتنمية.. للمجتمعات.. استطاع الاقتصاد أن يقفز بخطط وبرامج وتوجهات دول العالم على كل الحواجز.. ويُحل محلها قيماً جديدة مشتركة تصهر فكر الانسان في بوتقة المصير الانساني المشترك.. والرؤية الحضارية المستوعبة لحاجات الانسان خارج نطاق تراكمه الثقافي.. ومصالحه المحدودة.. ونزواته "القاتلة". @@ هذه الأيديولوجيا الجديدة.. حولت مفهوم حياة الانسان الى "قيمة" كبيرة.. بتضافر جهود المجتمع البشري.. وتكامل امكاناته وطاقاته المادية.. والبشرية.. والطبيعية لتوظّف لصالح رخاء الانسان.. وتقدمه الحقيقي.. وتنظم رؤيته وتوسع دائرة تفكيره في اتجاه "العالمية" وليس "الاقليمية" أو "القبلية" أو "المذهبية" أو "الرغبوية" فقط.. @@ وما أتوقعه هو.. @@ ان المجتمعات التي لا تتحرك بنفس السرعة.. والقوة والقدرة المطلوبة.. في اتجاه التلاقي.. والتقارب.. والاندماج.. فإنها لن تجد نفسها قادرة على المساهمة في هذا التحول التاريخي الهائل.. وبالتالي فإنها سوف تختفي.. كما اختفت من قبل حضارات.. ودول.. ومجتمعات كانت ملء السمع والبصر في وقت من الأوقات.. @@ يحدث هذا في وقت مازالت فيه بعض المجتمعات.. تعاني من حالة تشتت فكري في داخلها.. يصرفها عن استثمار الكثير من الطاقات الكبرى المتوفرة فيها.. وتسخيرها لخدمة الانسان بها.. وتنمية اوجه الحياة فيها.. @@ وبمعنى آخر.. @@ فإنه في الوقت الذي يتجه فيه العالم الى تبني "الأيديولوجية الاقتصادية" الواحدة.. نجد ان لدينا مجتمعات منقسمة على نفسها.. @@ فهي إما أن تكون غير متجانسة التفكير.. @@ وإما أن تكون غير مؤهلة لاستثمار امكاناتها.. وثرواتها.. بحكم ضيق رؤيتها لما يدور حولها.. @@ وإما ان تكون مشغولة بنفسها عن كل هذا العالم.. وعاجزة عن التحرك خارج دوائرها الضيقة.. @@ ولذلك فإن قدرتها على ان تعيش اطول.. تبدو مستحيلة.. وغير ممكنة.. @@ فأين نقف نحن من هذا الذي يجري؟! @@ ان علينا ان ندرك ان العالم لن ينتظرنا.. ولن يتوقف بسببنا عن المضي الى اهدافه البعيدة.. بعد ان اعتنق أيديولوجيا الاقتصاد لحركته التاريخية ولم يعد مستعداً للاستغراق في تفاصيل صغيرة.. ومتاهات لانهاية لها.. ولا سيما بعد ان أصبحت الأيديولوجيا الاقتصادية.. تنظر الى الوطن على انه العالم.. وأن النظر الى "الكليات" فقط.. هو الذي يوجد فكراً أكثر استيعاباً للإنسانية.. وتفاعلاً مع قيمها الجديدة..