اختتمت مساء أمس الإثنين فعاليات مؤتمر توجهات العطاء العربي والذي استضافته مدينة دبي لمدة يومين ونظمته مؤسسمة محمد بن راشد آل مكتوم، وقد شهد المؤتمر الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز والملكة رانيا العبدالله وبحضور لفيف من رجال الإعلام والفكر في العالم العربي. وعلى مدار يومين تمت مناقشة العديد من القضايا والإشكاليات التي تواجه دعم التنمية الاجتماعية في الوطن العربية وسبل الخروج منها بأسهل الطرق . اضافة لمناقشة واقع العطاء الاجتماعي العربي والفرص المتاحة لتعزيز دوره في رصد وتحليل التحديات التي تحيط العطاء الاجتماعي. وعلى هامش المؤتمر أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن إطلاق المؤسسة العربية للعطاء الاجتماعي وذلك خلال لقائه بنخبة من أبرز رموز وأعلام العمل الخيري في المنطقة وكبار الشخصيات ورجال الأعمال الإماراتيين والعرب. وستعمل المؤسسة على إطلاق وتبني مجموعة من البرامج المهمة من بينها: برنامج منح للرواد الاجتماعيين والمعني بتطوير وتعميم مبادرات العطاء الريادية، دليل العمل التطوعي من أجل التنسيق بين المشاريع الخيرية العربية، دليل المؤسسات الخيرية الذي سيساهم في تقديم معلومات وافية عن المؤسسات الخيرية وأعمالها وأنشطتها وبرامجها، ورش عمل الخير لتطوير وصقل مهارات التخطيط الاستراتيجي لدى العاملين في المؤسسات الخيرية، برنامج قيادات الخير المستقبلية ويستهدف إعداد قيادات خيرية شابة وتزويدها بالمهارات القيادية في مجال إدارة مؤسسات الخير، علاوة على تأسيس صندوق التحدي الاجتماعي لتمويل الأفكار الخيرية المبدعة. هذا وألقت الجلسة الثانية من المؤتمر التي عقدت خلال فعاليات يومه الأول تحت عنوان "التحديات العربية الأساسية والحاجة إلى العطاء الاستراتيجي" الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة العربية والدور الكبير الذي يلعبه العطاء الاستراتيجي في إيجاد حلول مستدامة لهذه المشاكل. وحدد المتحدثون خلال هذه الجلسة عدداً من التحديات الرئيسية التي يمكن للعطاء الاستراتيجي أن يلعب دوراً هاماً في مواجهتها والتغلب عليها، حيث أشاروا إلى أزمة الهوية، والحاجة إلى المأسسة، ومسألة إخفاء الصدقة وعدم وجود قواعد بيانات لأعمال العطاء الاجتماعي، والانتقال بالعطاء من مرحلة العطاء بالمال إلى العطاء النوعي الذي يسهم في إحداث نقلة في المجتمع، بالإضافة إلى تحدي التعليم، وتوفير البيئة المناسبة للإبداع والابتكار والتفكير بحرية. وفي بداية الجلسة قال الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز الممثل الشخصي للأمير طلال بن عبدالعزيز ورئيس مجلس أمناء مؤسسة "منتور" إن هناك تحديات ثلاثة تواجه العالم العربي ويمكن للعمل الخيري الاستراتيجي أن يساهم في حل دائم لها، وهي تتحدد في أزمة الهوية، ولماذا لا نحلم؟، والحاجة للمأسسة. وأوضح أنه بالنسبة للتحدي الأول وهو أزمة الهوية فإن العالم العربي يشهد الكثير من الخلافات والمشاكل ذات العلاقة بالعمل السياسي، مؤكداً أن العمل الخيري التطوعي يمكن أن يساهم في حل أزمة الهوية العربية وتقليص الاختلاف بين واقع بناء الدولة الوطنية وحلم الوحدة العربية. وأشار إلى إمكانية تحقيق ذلك من خلال خلق فرص للتعليم، موضحاً أن الجامعة العربية المفتوحة التي تأسست في العام 2001بموافقة وزراء التعليم العرب والتي يوجد لها مقرات في 7دول عربية يدرس فيها أكثر من 22ألف طالب وطالبة بما يسهم في تعزيز الشعور بالترابط القومي والهوية العربية، بالإضافة إلى العمل على مكافحة الفقر من خلال بنوك الفقراء التي توجد حالياً في 3دول عربية وتوفر قروضاً متناهية الصغر، إلى جانب الوقاية من المخدرات حيث تأسست في دبي في العام 2006مؤسسة "منتور العربية" التي توفر برامج ومشاريع وقاية للشباب من براثن المخدرات. أما التحدي الثاني الذي تحدث عنه الأمير تركي بن عبدالعزيز فهو "لماذا لا نحلم؟" مؤكداً أنه لابد من وجود حلم لتحفيز الطاقة والإبداع لبناء المواطن الذي يمثل قلب المجتمع، والذي يتشكل بدوره من ثلاثة أضلاع هي القطاع الخاص والحكومة والمجتمع المدني، والتي تشترك في صياغة خطة وطنية للرفاه الاجتماعي الذي يمر عبر مراحل تقييم أداء لتنفيذ الخطة، مشدداً على دور مؤسسات المجتمع المدني في تحقيق أهداف هذه الخطة. وبالنسبة للتحدي الثالث وهو الحاجة للمأسسة أو ممارسة العمل الخيري في إطار مؤسسي، فأوضح الأمير تركي أنه بغياب المؤسسات لا يمكن بناء شيء، فإعطاء مسكين سمكة ليقتات منها هي عمل خيري فردي، أما أن تعلمه كيف يصطاد فهذا ما يسمى عمل خيري مؤسساتي الطابع يتضمن التدريب والتمكين والعديد من الأمور الأخرى، مشيراً إلى أن أهمية المأسسة تنحصر في ست نقاط هي: - تكوين شخصية قانونية اعتبارية تستطيع التعامل مع الحكومات. - تحفيز القطاع الخاص على تحمل المسؤولية الاجتماعية. - المساعدة على التشبيك مع المؤسسات. - المعاونة على التركيز وعدم بعثرة الجهود والازدواجية في المبادرات. - توفير قاعدة معلوماتية مشتركة. - دمج الشباب وتفعيل طاقاتهم مما يعني انتمائهم الوطني. وأكد أنه رغم أن هناك حاجة للمؤسسات إلا أنه توجد تجارب مؤسساتية ناجحة في العالم العربي منها على سبيل المثال جمعية الإصلاح في اليمن، وجمعية قطر الأهلية، ومؤسسة الإمارات، ومؤسسة عبداللطيف جميل جدة، ومؤسسة الحريري بلبنان، ومدينة الشارقة الإنسانية، وجمعية الأطفال المعوقين بالسعودية، وجمعية زكورة بالمغرب، واتحاد الجمعيات الأهلية بالأردن، مشيراً إلى أن هناك حاجة ماسة لتشجيع ظهور المزيد من هذه المؤسسات والجمعيات. واستعرضت جلسة التعليم التي عقدت ضمن مجموعات عمل اليوم الأول للمؤتمر واقع المعرفة في المنطقة العربية وفقاً لتقرير التنمية البشرية في العالم العربي، الذي تصدره الأممالمتحدة حيث أثبت آخر إصدار لهذه المنظمة العالمية أن المنطقة العربية مازالت تراوح مكانها في مجال المعرفة منذ العام 2003وهو عام صدور أول تقرير للتنمية البشرية في العالم العربي.