تنتظر الجماهير الرياضية السعودية وجماهير نادي الهلال على وجه الخصوص موعد انطلاق مهرجان تكريم نجم كرة القدم الدولي سامي الجابر بعد مشوار حافل بالعطاء والوفاء والإنجازات والذي سيقام على استاد الملك فهد الدولي الاثنين المقبل بمشاركة فريق (مانشستر يونايتد) الانجليزي المرصع بالنجوم، ولأن سامي نجم كبير وضع بصمة لا تنسى في تاريخ ناديه ومنتخب بلاده فقد كان من المناسب وهو اللاعب الجماهيري ان نعود سنوات للوراء، مع الأيام الأولى التي بدأ فيها ممارسة الكرة هاوياً في سن مبكرة وكيف استطاع تكوين هذه (الكتلة) من النجومية والابهار. (الشفا).. مهد ولادة النجم بداية سامي (الحقيقية) مع عالم كرة القدم والتي لفتت الأنظار نحوه كانت مع أحد أشهر فرق الحواري بمدينة الرياض ويملكه الاستاذ عبدالله العثمان ويطلق عليه (فريق الشفاء). وكان يضم حينها كوكبة من اللاعبين الذين انطلقوا فيما بعد نحو النجومية في العديد من أندية الرياض، وكان انضمام الجابر للفريق مبكرا بسبب وجود شقيقه خالد قبل انضمامه للنصر في الفريق وكذلك اخاه ابراهيم من جهة ولحرص العثمان على ضم الفتى (اللافت) للأنظار لفريقه من جهة أخرى، وكان ذلك في بداية الثمانينات الميلادية، وكان العثمان في تلك المرحلة الحساسة حريصا جدا على هذا (الفتى) وموهبته.. يقول العثمان: "كنت أحرص شخصيا على ايصاله لمنزله بنفسي وكنت ايضا أكافئه على تحصيله العلمي عندما كان في المرحلة المتوسطة الى أن وصل للمعهد الملكي كنت أحرص على متابعته وتحصيله الدراسي لأن كل من شاهد هذا اللاعب الصغير يجزم بأنه سيكون ذا شأن كبير في عالم الكرة". اللعب مع الكبار كان السر في أن يلفت سامي الأنظار اليه منذ ذلك الوقت هو عمر أقرانه بالفريق، حيث كانوا في مرحلة الشباب وأصغرهم يبلغ السابعة عشرة، بل وبعضهم كان يشارك في مباريات الحواري وهو يلعب في أحد المنتخبات، كما كان سائدا آنذاك أمثال سعود الحماد وعبدالله الاحيمر وهاشم سرور، فأن يشارك "طفل" ويبهر المتابعين بين لاعبين من أقرانه فهذا أمر طبيعي، ولكن ان يسجل اسمه أساسيا بين لاعبين يكبرونه بعدة سنوات بل ويتحداهم لإثبات وجوده ويتغلب عليهم بعض الاحيان فهنا كانت المفارقة.. ويؤكد العثمان توثيقه لتلك المرحلة بقوله: "كان أقرانه في أغلب الأحيان يكبرونه بعشر سنوات، وكانت مباريات الحواري آنذاك تتمتع بشعبية جارفة ومتابعة كبيرة وبلاعبين كبار، ومع ذلك كان يفرض نفسه أساسيا في الفريق وهو في الحادية عشرة من عمره، وكان بصدق لاعبا هدافا ولافتا للأنظار سواء للكشافين او الأندية الكبيرة، كان بصدق فلتة، وكان اقرب اللاعبين لعمر سامي نسبيا سعود الحمالي قبل ان يسجل في النصر بفترة قصيرة". زيارة غير متوقعة.. وهروب سريع هاتفني سامي ذات مرة بعد صلاة المغرب، وقال: "سلطان خميس وعبدالعزيز الرزقان موجودان الآن في منزلنا وأتوا للحديث مع والدي" وكان يريد انقاذه من المأزق لرغبته الشديدة بالتسجيل في نادي الهلال. وكان هذا بالضبط قبل تسجيل سامي في الهلال بفترة قصيرة، فأخذت سامي من منزله لمدة ساعتين تقريبا حتى تأكدنا من ذهابهم، حيث كان يتهرب من مقابلتهم لأن رغبته معروفة، وكان نادي النصر يسعى ايضا لتسجيله بحكم وجود شقيقه خالد بنادي النصر، وكانت هناك ضغوط على خالد لتسجيل شقيقه بالنصر وشارك سامي في بطولة رمضانية نظمها نادي النصر وحصل على جائزة أحسن لاعب بالبطولة". ويقول العثمان ان تلك الاحداث المتعاقبة من المرحلة الهامة في مسيرة مشوار النجم القادم كانت في عام 1407ه ، حيث كانت الأيام حبلى بالمفاجآت وإلى أين سينتهي السباق بخصوص تسجيل هذا اللاعب لعدة اندية ترغب بضمه وبين رغبته للتسجيل بنادي الهلال والذي كان يعتبر أمرا صعبا جدا بحكم الزخم الكبير من النجوم الذين يمثلون فرق النادي. بروشتش: سامي.. (يشم) الأهداف طلب العثمان من عمر مزيان مساعد مدرب الدرجات السنية بنادي الهلال إقامة مباراة بين درجة الناشئين بنادي الهلال وفريق الشفاء، وكان يدرب الدرجات السنية في ذلك الوقت المدرب الشهير ومكتشف النجوم (بروشتس) واختار العثمان أصغر اللاعبين للمشاركة في هذه المباراة. وبعد نهاية المباراة قال عمر مزيان للعثمان ان (بروشتس) أعجب بسامي وقال عنه (هذا اللاعب ذكي وحساسيته على الكرة عالية ويشم الهدف). وكان سامي في ذلك الوقت يلعب في خط الوسط كصانع ألعاب، ولكن وكما يقال فالنجوم الأفذاذ يسبقون زمانهم، ومن بعد هذه المباراة الودية بدأ التقارب الزمني لانضمام هذا الفتى للفريق الأزرق، حتى أن الضغوط بدأت تمارس على والده وأشقائه من قبل الكشافين واداريي الأندية للظفر بخدماته، وكان العثمان حسب ما ذكر يخطط لتسجيل الجابر والحمالي في الهلال، ولكن استغل النصر الفرصة وظفر بخدمات الحمالي، فبقي الجابر الورقة الوحيدة في يد العثمان. سامي.. (هلالي) عاش سامي حالة من الترقب والقلق خوفاً من رفض والده تسجيله في الهلال، كون والده كان يرغب (رحمه الله) ان يكمل تعليمه (الثانوي) على الأقل، إلاّ ان العثمان بعث الاطمئنان في نفسه بحكم ان الشيخ عبدالله الجابر رحمه الله أحد المنتمين للوسط الرياضي في الأساس ولم يعارض تسجيل شقيقه خالد في النصر وكانت رغبة العثمان (حسب ما يذكر) ان يسجل سامي في وقت مبكر حتى يصقل موهبته وكان سامي في الصف الثالث المتوسط. وعندما قابل العثمان والد سامي طلب الشيخ عبدالله ان يؤجل الأمر إلاّ ان العثمان طالب بتسجيله بشكل عاجل مع قطعه للوعود بأن يواظب سامي في تحصيله العلمي وبعد عدة زيارات وافق الشيخ عبدالله رحمه الله على تسجيل سامي. فطلب العثمان وللاطمئنان أكثر وتقديراً لوالد سامي من الشيخ عبدالرحمن بن سعيد ان يقوم بزيارة لمنزل الجابر خاصة وان علاقة صداقة كانت تربط بين الشيخين. وقام الشيخ عبدالرحمن بالفعل بزيارة الجابر (الأب) وعند تقديم القهوة قال الشيخ عبدالرحمن موجهاً كلامه لوالد سامي "ما أشرب الفنجال إلاّ إذا عطيتنا سامي نسجله في الهلال".. قرر الشيخ عبدالله مباشرة على كلام أبي مساعد وقال "التابعية مع عبدالله العثمان" وهو إعلان منه بالموافقة على تسجيله وتم تسجيله في اليوم التالي وكان هذا بتاريخ 1407/4/27ه حتى ان الشيخ عبدالرحمن بن سعيد حضر بنفسه تسجيل سامي في مكتب رعاية الشباب بالوسطى. وكان تسجيله بمبلغ مادي بسيط حصل عليه بعد عدة أشهر لشراء سيارة وتكفل بها عضو شرف. سامي يمارس الضغط.. و(الاضراب) من المفارقات الطريفة ان سامي قبل تسجيله في الهلال بأيام معدودة مارس الضغوطات على أسرته وذلك كما يتوافق مع سنه وعقليته اليافعة حيث قرر (الاضراب) عن الذهاب للمدرسة وكذلك عن تناول وجبة الغداء مع والده وأشقائه وذلك لإظهار رغبته العارمة في التسجيل للهلال، وهو ما دفع والده للموافقة شفقة بنجله الصغير وتحقيقاً لرغبته. مولد (الذئب) بعد تسجيل سامي في 1407ه كان يتنقل للمشاركة بين درجتي الشباب والناشئين وفرض نفسه كأساسي في درجة الشباب بعد شهر واحد فقط من تسجيله وحقق الهلال ذلك العام بطولة المملكة لدرجة الشباب بعد غياب دام عدة سنوات، وفي الموسم الذي يليه حقق لقب هداف الدوري لدرجة الشباب بثمانية عشر هدفاً وحصل الهلال على وصافة الدوري. وعاد الهلال في موسم 1409ه ليحقق بطولة المملكة لدرجة الشباب بوجود سامي وكوكبة من اللاعبين أصبحوا الركيزة الأساسية للهلال في الفريق الأول أمثال سامي الجابر وصفوق التمياط وفيصل أبوثنين وخالد التيماوي وخالد الهذال وكان سامي أيضاً في ذلك الموسم يشارك مع الفريق الأول حيث أعجب المدرب البرازيلي كندينو بإمكانياته وكان يطلبه في بعض المباريات تمهيداً لإطلاق (ذئب) الكرة السعودية. الإصابة وحلم كأس العالم شارك سامي مع المنتخب السعودي للناشئين في تصفيات كأس العالم للناشئين 1989م إلاّ أنه تعرض لإصابة في أواخر عام 1409ه أبعدته (قسراً) عن المشاركة مع زملائه، ولكنه هاتف زملاءه وحثهم على بذل الجهد وتنبأ لهم بالوصول للأدوار النهائية. وبالفعل حقق المنتخب السعودي الكأس العالمية وكان سامي من أول المهنئين لزملائه في ذات اليوم الذي رفع فيه زميله سعود الحمالي الكأس فيه. وكانت إصابة سامي عبارة عن كدمة قوية في منطقة الصفاق. الموسم الأول ولقب الهداف موسم الانطلاق.. موسم الابهار وبزوغ النجم بقوة.. كان ذلك موسم 1410ه حيث كان أول موسم يشارك فيه سامي كأساسي مع الفريق الأول.. وحقق الهلال في ذلك الموسم آخر درع للدوري قبل اطلاق المربع الذهبي وتحقيق سامي للمفاجأة الكبرى ان خطف وفي أول موسم له لقب هداف الدوري من أعتى نجوم الخبرة والمهارة في سماء الكرة السعودية، وكما ذكرنا سابقاً ان مشاركة سامي الأولى مع الفريق الأول كانت في عام 1409ه وتحديداً مع الأهلي في جدة في الدور الثاني.. إلاّ ان انضمامه للفريق الأول فعلياً كانت في الموسم الذي يليه. ويعتبر العثمان ان تحقيق سامي للقب الهداف في أول موسم له يعتبر مستغرباً من قبل البعض ولكن لشخص كالعثمان يعرف إمكانيات هذا الذئب كان يعتبره أمراً عادياً لامتلاك سامي لميزتين كما يقول العثمان لا تتوفر في غيره (قوة التحمل.. والقدرة على المواجهة) وهذا ما أثبتته الأيام وان ردوده دائماً ما تكون على أرض الملعب كما يقول مدربه الأول على مدى عشرين عاماً ويضيف العثمان: "أعتقد ان المرحلة المفصلية في حياة سامي كانت في عام 1410ه حيث جهز نفسه نفسياً وبديناً عام 1409ه وانطلق في ذلك الموسم بكل قوة هو ومجموعة من زملائه وبدأ من أول الموسم أساسياً في الفريق وكان معه صفوق التمياط وخالد التيماوي كثلاثي تمكن من اثبات نفسه مبكراً في الفريق الأول وبعد تحقيق سامي للقب هداف الدوري بدأ يلفت الأنظار إليه وهو في سن صغيرة". وفي نفس العام تم ضمه أيضاً للمنتخب الأول مع المدرب البرازيلي كارلوس البرتو استعداداً للمشاركة في كأس الخليج بالكويت قبل ان تتعذر مشاركة المنتخب في تلك البطولة.