التثقيف والتوعية «الأدواتية» النيرة التي أتحفتنا بها وزارة المياه والكهرباء خلال الأسابيع الماضية هي بمثابة الثقب الصغير الذي سينفذ من خلاله مشروع وطني جبار وعظيم، وهي بمثابة البداية التصحيحية لممارسسات خاطئة وغير مسؤولة من الجميع، سواء من قبل تعاطي الوزارة سابقاً مع مشكلة المياه أو من خلال تواصل وإدراك المواطن لدوره في تلك المشكلة خلقاً لها أو حلاً، فما أحوجنا لتلك البرامج ولتلك الجرعات المحسوسة كي نعيش حجم المأساة ونتفهمه لنرسم طرق الحلول على ذلك. فالمنحى الذي التزمته وزارة المياه والنهج الذي سلكته كنا في غياب وصرف تأمين عنه، كنا نتصور أن مايثار هنا وهناك من مشاكل المياه وكوارث النقص والنضوب فيها وطرائق التوصيل والمحافظة عليها ضرب من قبيل «اللوك الإعلامي» والاجترار الممجوج لأنظمة «بيروقراطية» تعنى بملء الخانات الورقية وتهرول خلف «التواقيع المكتبية» الجافة من كل مياه الحياة إلى أن صرنا نعايش دورنا ونتلمسه بعد تظافر الجهد النظري بالجهد التطبيقي المباشر لينتج لنا ثقافة مختمرة في العقول. فحملات التوعية التي باركتها وزارة المياه والكهرباء تحت عنوان: «حملة التوعية والترشيد الوطنية» هي بمثابة الغرس الطيب في الأرض الطيبة لوسقيت واعتني بها، لأننا بأمس الحاجة لتلك الخطوة التي يجب أن نتذوقها ونستطيب طعمها مهما تفاوتت درجات جودتها فالعصر يعيش أوج ثقافة المحسوس والمعقول ويعيش المدرك المشخص عصره الذهبي، فقد تجاوز عصرنا- بكثير- شعارات التنظير والقيثارة الافلاطونية الفاضلة للشبيه والنظير ليلزمنا بممرات ومسالك حقيقية تقلنا إلى بر الأمان هرباً من شبح يتربص بالجميع يرعبنا فحيح أفاعية من تشققات أرض قفر ممحلة وجد الهلاك فيها مربعا!! تمازج بين إدراك ديني بضرورة الترشيد ممثلاً بفتوى المؤسسة الدينية وبين مباركة سياسية متمثلة بتوجيه وخطاب ولي العهد وتأطير ذلك كله «بأداة» تمسك باليد وتعين كي نقص شريط الانطلاق لتوعية ترشيد وحماية للماء هي بالضرورة- ولا ريب- تمثيل حقيقي لمواطن صالح لايسعنا إلا أن ننحني له إجلالاً وتعظيماً. فيهنأ جيلنا وأجيال قادمة بقلعة وضع أساسها منذ الساعة.