إن من أبرز المشاكل التي يعاني منها سوق الأسهم السعودي حالياً هو غياب فئة المحللين الماليين المهنيين Professional Financial Analysis ونتيجة لذلك فإن بعض التحليلات المالية التي تنشر في الصحف لا تأخذ الطابع المهني للتحليل المالي، فالكثير من هذه التحليلات لا تعدو كونها اجتهادات شخصية من مهتمين بشأن سوق الأسهم وغير متقيدة بأدبيات التحليل المالي. فالتحليل المالي يعتبر أحد الوسائل التي تساعد في رفع كفاءة السوق، وكلما كان التحليل ذو مصداقية وجودة كلما عكست أسعار الأسهم في السوق المعلومات المتوفرة. ويرتكز دور المحلل المالي عادة في تفسير وتحليل المعلومات المالية وغيرالمالية التي تؤثر على الأداء الاقتصادي لمنشأة معينة، ومن ثم تقدير قيمة المنشأة. وهنا تكمن خطورة التحليل المالي عندما يصدر من شخص غير مؤهل وغير متابع للأحداث الاقتصادية سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، ولعل ما حدث في السوق السعودي في سبتمبر عام 2003 عندما صدر تقييم لشركة الاتصالات من احدى الشركات المالية المتخصصة خير شاهد على مدى خطورة التحليل على السوق المالي. فنشر التحليلات المالية غير الموضوعية التي لا تستند إلى أساس علمي لشركات معينة قد يربك السوق ويضر بشريحة كبيرة من المستثمرين الذين لا يعرفون معنى التحليل المالي ولا يفرقون بين التحليل المالي والرأي الشخصي. وحيث إنه من المتوقع أن يصل عدد الشركات المدرجة في السوق السعودي الى 300 شركة خلال الأعوام القادمة (حسب ما ذكر في ملتقى أسواق المال الخليجية الذي عقد في المنامة في نوفمبر 2004)، لذا فإنه من الواجب العمل من الآن على ايجاد محللين ماليين على درجة عالية من الكفاءة. فالزيادة المتوقعة لعدد الشركات سوف يجذب مستثمرين على درجات متفاوتة من الفهم المالي. ولاشك أن عدم وجود التحليل المالي الموضوعي لما يحدث في السوق سوف ينعكس سلباً على ثقة المستثمرين وبالتالي بحثهم عن قنوات استثمارية بديلة. كما أن استمرار هذا الحال (غياب التحليل المالي المهني) في السوق السعودي خلال الأعوام المقبلة سوف يزيد من انتشار المعلومات المضللة وبالتالي عدم كفاءة السوق. و من ثم فإن عملية تطوير وإصلاح السوق السعوي ورفع كفاءته يجب أن تأخذ في الحسبان العمل على ايجاد مهنة التحليل المالي وتشجيع الشباب على الانخراط فيها لسد النقص الواضح في هذا المجال. ولاشك أن عملية ايجاد مهنة التحليل المالي لا يمكن تحميله جهة واحدة بعينها وإنما يقع على عاتق الجهات المهتمة بالشأن المالي والاقتصادي والاستثماري، وكذلك الجهات الأكاديمية، فالمؤسسات الاستثمارية والمالية سواء كانت استثماراتها خارجية أو داخلية ينبغي عليها أن تدعم وجود التحليل المالي المهني بصفتها أحد كبار المستفيدين من مخرجات التحليل المالي. أما كليات الاقتصاد والتجارة في مؤسسات التعليم العالي فإنه يجب عليها إعادة صياغة مناهجها لتشمل المواد التي تؤهل الطالب للحصول على شهادات الزمالة في التحليل المالي. وختاماً فإنه ينبغي للمتعاملين في سوق الأسهم أن يفرقوا بين الاجتهاد الشخصي والتحليل المالي، كما أن المهتمين بشأن السوق ينبغي أن تكون تحليلاتهم المالية أكثر موضوعية مع الالتزام بآداب مهنة التحليل المالي التي تؤكد على النزاهة والتجرد من المصالح الشخصية عند القيام بالتحليل. قسم المحاسبة - جامعة الملك سعود