تجارب الحياة .. تعتبر مصدراً من المصادر التي تعيشها الشعوب، لها دور كبير وهام في حياتنا اليومية.. وتمنح أصحابها الفائدة والحكمة وحسن اختيار القرارات الصائبة، فهي أكبر دليل على رجاحة العقل، وحسن التصرف، واتخاذ القرار المناسب، وصحبة الأخيار كما يقول الشاعر هادي بن عبدالله القعيمة: أنا خضت فالدنيا ليا بحر تسعيني وأخذت التجارب من تخيلاط أهاليها عسى اللي خذيت من التجارب يكفيني ونفسي عسى كثر التجارب يقديها ترى رفقة ما هيب رفقة شريفيني ولو طالت السيرة يبن الخلل فيها والإنسان في هذه الحياة معرض لكل شيء للنجاح والفشل والسعادة والشقاء والغنى والفقر والصحة والمرض الخ... ولكن هناك سؤالاً يطرح نفسه هل نستفيد مما يحدث في حياتنا اليومية من أحداث ومتغيرات نواجهها باستمرار؟.. فالحياة هي أهم شيء يفكر فيه الإنسان ويستحق الوقوف عنده والتأمل. وفي حياتنا يوجد مواقف كثيرة منها الشديدة ومنها الأليمة والمحزنة والمحرجة والطريفة وغيرها الكثير، وجميع هذه الأمور تفيد الإنسان وتمنحه التجارب وتبيّن مقدار تحمّله وطاقته وكذلك تقوّي عزيمته وتزيد من صبره وتشد من بأسه وتعوده على قوة التحمل وتقبل كل ما يمكن حدوثه بالرضا والقبول.. يقول الشاعر علي بن شويل الحرقان: جرّبت الأيام مالحها وحاليها مع التجارب عرفنا كل الأصنافي والشخص الذي يملك الخبرة والاستفادة من تجارب ودروس الحياة تجده يدعو لفعل الخير ويحث على الفضائل والتحلي بمكارم الأخلاق والاتصاف بالخصال النبيلة التي تعود على أصحابها دائماً بالخير والمسرات، وعلى سبيل المثال نجد صاحب التجربة إذا أراد اختيار الصديق مثلاً لا يختار إلا الصديق الصالح وذلك بفضل تجارب الحياة، والشعر الشعبي يوضح لنا خلاصة هذه التجارب ومدى أهميتها في الحياة والاستفادة منها.. كما يقول الشاعر سالم بن مهاوش الحربي، وهو أحد الشعراء الذين لهم تجارب كثيرة في الحياة ولذلك قال عن تجربة: أنشد مجرّب والتجارب وثيقة تجارب الأيام بذت خفايه ما هي تجارب يوم ولا دقيقه شفنا من الدنيا ما فيه الكفايه واللي يبي يختار منكم صديقه ترى صديقه من صدق له برايه اللي بتوجيهه ينوّر طريقه ويعلمه كانه عن الدرب تايه وتجارب الحياة.. تزيد الإنسان معرفة ودراية بالأمور وحسن اتخاذ القرار السليم، فقد قيل في الأمثال: (اسأل مجرّباً ولا تسأل طبيباً) ولولا هذه التجارب وهذه الأحداث والمتغيرات التي تحدث للناس في مجالات الحياة المختلفة لم يستطع أي إنسان بأي حال من الأحوال أن يواجه مشاكله التي تحدث في حياته - لا سمح الله - فالإنسان العاقل هو الذي يستفيد من تجاربه التي تحدث له ويستفيد أيضاً من تجارب الآخرين يقول في ذلك الشاعر زبن بن عمير العتيبي: قال الذي ساعة على الرجم اعتلاء عد الجواري كلّها بعدود مجرّب عسر الليال ويسرها كل من حلاويها وذاق نكود نحص الليال والليال إتعدنا والعمر يفنى والليال بزود ومن تجارب الحياة هي أن يتعود الإنسان على مواجهة الأحداث ونزول الملمات التي تحدث في حياته، وسوف يستطيع بفضل من الله - سبحانه وتعالى - على تحمّل هذه الأحداث والصدمات.. عكس ذلك الإنسان الذي لم يتعوّد على مواجهة الصعاب.. وهذه حقيقة ملموسة وصور من حياتنا اليومية التي نعيشها.