في حياتي الصحفية حضرت ليس - عشرات - ولكن مئات المؤتمرات منها ما هو تابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أو القمة العربية أو القمة الخليجية أو مؤتمرات وزراء الثقافة أو وزراء الإعلام.. أو البيئة.. أو المالية.. أو التربية ويحاط كل مؤتمر بالسرية التامة حتى يستحيل الاطلاع على بيانه الختامي قبل أن يعلن في حفل الاختتام وكأن ذلك البيان يحمل حلولاً سحرية لما عقد من أجله ويجب المحافظة على سريته ليومين أو ثلاثة حتى لا تحبط أهدافه.. من قبَل من؟ لا تدري.. تدافعت مؤتمرات القمة العربية في المغرب لسنوات متلاحقة قبيل كامب ديفيد الذي أتت مفاجأته تقليلاً عملياً من شأن تلك المؤتمرات.. وأخذ صدام حسين القيادات العربية إلى بغداد وكأنه يريد أن يبدأ بهم عصراً عربياً جديداً، فإذا بعد سنوات نرى أن سلام السادات مع إسرائيل هو أقل خطراً وبمراحل عديدة من عنتريات عروبة صدام.. بل ربما لو أن ياسر عرفات - رحمه الله - سافر إلى القاهرة آنذاك ولم يسافر إلى بغداد لحصل على حل مبكر لقضيته متى ربط ذلك بالسلام مع مصر.. تعال إلى مؤتمرات قمة منظمة المؤتمر الإسلامي أو اجتماعات فقهائها ويتصل بذلك اجتماعات رابطة العالم الإسلامي وأي منهما لم نطمح إلى وصول تقارب بين كتلتي العالم الإسلامي السنّة والشيعة مثلما كان ذلك مرغوباً في النصف الأول من القرن العشرين ثم اندثرت تلك الرغبة بل تحولت إلى خصومات.. لكننا طمحنا إلى وجود تيسير فقهي يتعامل مع مستجدات العصر وهو ما لم يحدث.. وتطلعنا إلى أن تكون هناك رؤية عصرية لحقائق العالم العلمية والاقتصادية وهو ما لم يحدث.. بل لقد انكشف العالم عن رؤية مسيئة للإسلام وأهله نتيجة قفز علماء التكفير إلى الواجهة بسبب عدم وجود علماء تفكير.. القمة الخليجية كان مفروضاً أن تكون وعاءً يوحد بين القوى الاقتصادية والاجتماعية في هذا المكان المحدود من العالم العربي ولكن ما يتم التصرف به تحت الطاولة هو غير ما يقال فوقها رغم أن الدول الخليجية هي أكثر المجموعات العربية تقارباً اجتماعياً واقتصادياً وحدودياً بما في ذلك التداخل العائلي الأسري في كثير من مجتمعاتها لكن إذا قسنا العمر الزمني للقمم الخليجية مقارناً بالنتائج نجد أن المسافة بين أهداف التأسيس وما هو حاصل بعيدة جداً.