بحمد الله وفضله، وبتوفيق من الله ثم بحكمة قيادتنا الرشيدة، نشهد اليوم فصلاً جديداً من فصول النهضة السعودية، عنوانه التعاون النووي السلمي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأود أن أعبّر، كما اعتدت في كتاباتي، عن خالص الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولعرّاب التحول الوطني ورؤية 2030 سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- اللذين قادا بلادنا بكل حكمة وعزيمة نحو المستقبل، في مسيرة، تتسم بالثقة بالنفس، والاستقلالية، واحترام الذات. وفي خطوة وُصفت من وكالة رويترز بأنها من "أكثر الاتفاقيات النووية تعقيداً"، تستعد المملكة العربية السعودية لتوقيع اتفاقية أولية مع الولاياتالمتحدة بشأن تطوير برنامج نووي مدني. هذه الخطوة لم تأتِ عبثاً، بل هي نتيجة لعمل دؤوب، وتخطيط بعيد المدى، وسياسة رزينة هادئة بعيدة عن الصراخ والعواطف، بل تعتمد على الوقائع والحقائق، وعلى مواقف المملكة الصادقة، وثباتها السياسي، وشفافيتها التي أثبتتها للعالم منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا. الاتفاق يشمل ما يُعرف ب "اتفاقية 123"، وهي اتفاقية نموذجية تُبرمها الولاياتالمتحدة مع الدول الراغبة في التعاون النووي، لضمان سلمية الاستخدام. ورغم التحديات التي واجهتها المفاوضات في السابق، لا سيما ما يتعلق بحق المملكة في تخصيب اليورانيوم، فإن ما أُنجز اليوم يعكس مرونة الطرفين، وثقتهما في تحقيق مصالحهما المشتركة ضمن أطر واضحة وشفافة، مع ضمان السيادة الوطنية والالتزام بالسلمية التامة. كمواطن سعودي، وككاتب في المجالات التقنية، أجد في هذا المشروع بُعداً استراتيجياً وعلمياً، فهو ليس مجرد تعاون سياسي، بل هو تأصيل لطموح معرفي عميق، فالتقنية النووية السلمية تُستخدم لإنتاج الطاقة، وتحلية المياه، وتشخيص وعلاج بعض الأمراض، وصناعة النظائر المشعة، وتطوير الصناعات الدقيقة، إن دخول المملكة لهذا المجال يؤكد حرصها على تنويع مصادر الطاقة، وبناء قاعدة علمية راسخة، وتوطين المعرفة. ما أروع أن نرى بلادنا تقود التغيير بهدوء الحكماء، وعزيمة الشجعان، ورؤية الطامحين. هذا الاتفاق يعزز موقع المملكة كمحور إقليمي وعالمي موثوق، ويمنح أبناءها من شباب وباحثين ومهندسين، فرصاً عظيمة لصناعة المستقبل بأنفسهم، وفق القيم الإسلامية والوطنية التي نؤمن بها جميعاً. نحن أبناء هذا الوطن، نعاهد الله أن نكون أوفياء لترابه، ومخلصين لقيادته، محبين لكل ذرة فيه، خادمين لكل من يعيش على أرضه الطيبة. ستظل السعودية -بإذن الله- فخراً لكل صديق، وللعرب والمسلمين، ونموذجاً للوفاء، ورمزاً للتوازن، ومنارة في السياسة والاقتصاد والعلم. شكرًا لخادم الحرمين الشريفين، شكرًا لولي العهد الأمين، شكرًا لسمو وزير الطاقة، ولكل من عمل بإخلاص في بناء هذه الدولة العظيمة، وقيادة هذا التحوّل التاريخي نحو المستقبل.