مراسم تنصيب الشرق الأوسط أصبحت ظاهرة بقوة في سوريّة ولبنان واليمن، وقريبًا في دول كان العالم يعتقد أنه من المستحيل تغيير تبعيتها السياسية والأيديولجية، حالة الاستقطاب التي عاشتها المنطقة أصبحت قابلة للتغير، ولن يحدث ذلك ما لم يعتمد العالم على دولة لديها القدرة على قيادة هذا التحول، وهنا يكتشف العالم أحد أسرار الرؤية السعودية وقدرتها على تحقيق الإنجازات السياسية المهمة.. الفضاء السياسي عبر الزمن في الشرق الأوسط ارتبط دائماً بمفهوم يتطلب منه أن يتكيف وبشكل إجباري مع الواقع الذي يفرضه العالم على هذه المنطقة المليئة بالأحداث، لكن السؤال الأهم دائما يبحث عن المستقبل لهذه المنطقة والفرص التي يمكن أن تظهر في تاريخ هذه المنطقة التي أشبعت بحثا حول ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ولكن لم تحصل هذه المنطقة يوما من الأيام على مشروعات تخص استقرارها الدائم، هذه المنطقة اليوم تعيش حالة نزوح جماعي من دولها نحو مستقبلها في ظاهرة غير مسبوقة، فهذه المنطقة التي تمتلك معظم ثروات العالم ومعظم شبابه ومعظم تقاطعاته الاستراتيجية يعاد تشكيلها وفقا للأحداث الدولية التي أصبحت تتغير بسرعة أكبر، فهل نحن بانتظار وجه جديد للشرق الأوسط تتقاسم فيه دوله الأدوار والمصالح بشكل يرفض تلك المرحلة لوجه الشرق الأوسط الذي تتحكم فيه قوى مطلقة ومدعومة. مؤشرات ومبشرات الانتصار لهذه المنطقة تقودها دول حاسمة في تأثيرها والمؤكد أن دولة مثل المملكة العربية السعودية ستحدد ملامح هذا الانتصار السياسي الحاسم، فالمؤشرات اليوم يسودها التفائل من حيث التأثير والتحركات السياسية للدبلوماسية السعودية التي تسعى لتقديم واقع إيجابي على المنطقة، فقد أصبحت المسافة السياسية التي قطعتها السعودية في تطورها واضحة، ولعل الشعور السياسي الأهم الذي أنتجته الدبلوماسية السعودية هو سيادة حالة من اليقين أن هناك تأثيرا تتم صناعته في أروقة العالم والمنطقة التي تستعد لمراسم تنصيبها لتتحول الى منطقة استقرار وتأثير دولي. التنبؤات تقود إلى أن الآثار الجيوسياسية سوف تحدث في المنطقة بعضها بشكل مباشر وبعضها بشكل مفاجئ، لتطرح خيارات دولية مختلفة حول كيفية التعامل مع منطقة أصبح استقرارها مطلبا دوليا، والحقيقة أن أحداث الشرق الأوسط ينتظرها تأثير مباشر يتعلق بالسلم والأمن الدوليين، فالحساسية الشديدة التي تعيشها القوى العظمى العالمية بين بعضها يفرض على تلك الدول بحث استقرار الشرق الأوسط، لأن الخيارات الأخرى خلاف الاستقرار صعبة وقاتلة، فالسياسة الأميركية اليوم تعاني من صعوبة في توقع مساراتها واتجاهاتها، وهي في حالة تبادل اللكمات التجارية مع كل العالم تقريبا، أما أوروبا ففي حالة انعدام اليقين حول مستقبلها ومكانتها العالمية، حيث أصبحت علاقتها مع حليفها التقليدي أميركا في حالة يرثى لها، أما الصين فقد أصبحت في مواجهة علنية مع أميركا على غير المعتاد في السياسة الصينية، أما روسيا فهي اليوم أكثر شهية لفرض متطلباتها حول صراعها مع أوكرانيا. وعبر تلك المنطلقات الدولية فقد أصبحت حالة الشرق الأوسط مرهونة بفرضية سياسية يتم اختبارها بشكل مباشر فقد أدركت القوى الدولية أن الفرصة لجر المنطقة نحو الأمن والسلم لن يتحقق إلا من خلال دور القوى الفاعلة في المنطقة، والحقيقة أن الدور السعودي هو الدور الأكثر تأهيلا حيث فرض نفسه على منظومة العلاقات الدولية بالدخول إلى مسارات وأروقة صناعة السياسية العالمية، وهذه حقيقة تاريخية استحقتها السعودية، فالسعودية أثبتت للعالم أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك الكثير من الأسهم السياسية التي تستطيع استخدامها لتحقيق التحول والتوازن، فالرياض اليوم هي القادرة على التحكم بالمتغيرات والمعطيات الفاصلة في المنطقة بعد أن قدمت للعالم نموذجا مهما في تحقيق التحول والانفتاح والتطور عبر رؤيتها 2030. التقلبات الإيجابية التي تنتظر الشرق الأوسط ستشمل تحولات جذرية وغير معتادة في الدور الإسرائيلي والدور الإيراني والدور التركي، فمراسم تنصيب الشرق الأوسط أصبحت ظاهرة بقوة في سورية ولبنان واليمن، وقريبًا في دول كان العالم يعتقد أنه من المستحيل تغيير تبعيتها السياسية والأيديولجية، حالة الاستقطاب التي عاشتها المنطقة أصبحت قابلة للتغير، ولن يحدث ذلك ما لم يعتمد العالم على دولة لديها القدرة على قيادة هذا التحول، وهنا يكتشف العالم أحد أسرار الرؤية السعودية وقدرتها على تحقيق الإنجازات السياسية المهمة. هذا العام كما يبدو من ملامحة هو عام الفرص السياسية الكبرى، لأن التوازن العالمي أصبح أكثر توزيعًا وعدلًا بين القوى الدولية، فما يجري في المنطقة هو تلبية لدعوة عالمية منطلقها البحث عن الاستقرار والتوازن بهدف اتخاذ المزيد من الإجراءات لمعالجة حالة الطوارئ الدائمة التي عاشتها المنطقة منذ منتصف القرن الماضي، هذا العام يرجح التنبؤات الكبرى والاستعداد بقوة لمراسم تنصيب الشرق الأوسط من جديد في السياسية الدولية وبقيادة دول عربية وإسلامية، ومن هذا المنطلق سوف يصبح الشرق الأوسط نقطة انطلاق مهمة للسياسات العالمية.