يضطلع القطاع الثالث، المتمثل في المؤسسات والجمعيات والهيئات الخيرية، غير الربحية، بدور اجتماعي وإنساني وخيري بالغ الأثر، ورغم أن هذا القطاع يعد أحد القطاعات البالغة الأهمية، إلا أنه لم يتم تسليط الضوء على دوره إعلامياً بالصورة المطلوبة. هذا القطاع يعد حلقة وصل واتصال ما بين القطاعين الحكومي والخاص، ويسد الفجوة التي قد لا يدركها هذان القطاعان، رغم ما يتمتعان به من إمكانات هائلة، لذلك، فإن دول العالم تبدي اهتمامًا كبيرًا بهذا القطاع وتعمل على توفير مختلف المعينات التي تساعده على القيام بدوره على أكمل وجه، ومن بينها المملكة. والعمل الخيري في المملكة، عريق، وله جذور تاريخية قديمة، ففي عام 1929م تم تأسيس لجنة خيرية في مكةالمكرمة باسم لجنة الصدقات العُليا، ونسبة للأهمية الكبيرة للقطاع الثالث، خاصة في الجانب الاجتماعي، فقد تنبه قادة المملكة إلى مدى أهميته، وتم العمل على تحفيزه وتوفير الدعم والمساندة اللازمة له، نسبة لدوره في التنمية، والناتج المحلي. علاوة على ذلك، فقد وضعت رؤية 2030 ضمن أبرز أولوياتها تطوير القطاع الثالث، المتمثل في الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية، حتى يكون هذا القطاع أكثر فعالية واستدامة، وذلك من خلال عدة محاور، منها تعزيز الشفافية والحوكمة، وتحسين آليات العمل داخل الجمعيات والمؤسسات الخيرية وضمان التزامها بأعلى معايير الشفافية والمساءلة. وما يجعل القطاع الثالث يحظى بتقدير واحترام، من مختلف شرائح المجتمع، أنه يرتكز في أعماله على مبادئ العمل الخيري في الإسلام التي يتمثل أبرزها في الإحسان إلى الخلق كافة، من الإنسان، إلى الحيوان، وحتى النبات، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: (وفي كل كبد رطبة أجر)، أي باختصار القطاع الثالث يقوم على مصالح الناس والكائنات الأخرى، ومساعدتهم، ومن هذا المنطلق، فالقطاع الثالث يعتبر ثالث أضلاع التنمية، بجانب القطاعين العام، والخاص وله دور اجتماعي وخيري بالغ الأهمية، وتبرز أهميته من خلال أدواره المتعددة، منها دعم الأفراد والأسر الأكثر حاجة، وتعزيز مشاركاتها المجتمعية، وتمكين المجتمعات المحلية وتوفير فرصة عمل جديدة. كما نجد أن المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي والذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، يعمل بصورة فاعلة على تنظيم دور منظمات القطاع غير الربحي وتفعيله، وتوسيع دوره التنموي بطريقة مستدامة، والعمل على تكامل الجهود وزيادة التنسيق والدعم، حيث يهدف المركز من وراء كل ذلك إلى تمكين وتوجيه القطاع غير الربحي لتكون أعماله ومنتجاته أكثر فاعلية وأكثر أثراً وكفاءة وشفافية وموثوقية وذلك حتى يؤثر محليًا وعالميًا. وهناك عدة مؤسسات وجمعيات خيرية تضطلع بدور بارز في المجال الخيري والاجتماعي والإنساني، ومنتشرة في مختلف مناطق المملكة، منها على سبيل المثال، مؤسسة الأمير طلال الخيرية وهي أبرز جهة مانحة وداعمة لقطاع الأمومة والطفولة على مستوى المملكة العربية السعودية، وقد أسستها «أوقاف الأمير طلال بن عبدالعزيز آل سعود»، لتكون الذراع الخيري للأوقاف في تنفيذ إستراتيجيتها الطامحة نحو مزيد من الرعاية والتمكين للأسرة السعودية، في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصحية، وقد ذكرت هذه المؤسسة نسبة لأنها تقوم بدور اجتماعي وخيري رائد يتعلق بأهم منظومة في المجتمع وهي منظومة الأمومة والطفولة التي تعتبر من ركائز أي مجتمع.