انطلقت أول أمس فعاليات النسخة الأولى من "أسبوع فن الرياض"، في خطوة نوعية تعكس الحراك الثقافي المتسارع الذي تشهده المملكة، ومكانتها المتنامية كوجهة فنية رائدة على مستوى المنطقة، الفعالية التي تنظمها هيئة الفنون البصرية التابعة لوزارة الثقافة، تعد منصة سنوية جديدة تحتفي بالفن السعودي المعاصر وتفتح آفاق التبادل الفني مع المشهد العالمي، وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030. تمتد الفعاليات حتى 13 أبريل، وتقام في عدد من أبرز المواقع الثقافية في العاصمة، أبرزها حي جاكس بالدرعية ومجمع الموسى للفنون، وتضم أكثر من 45 معرضاً ومؤسسة فنية محلية ودولية، إلى جانب سلسلة من البرامج الثقافية، جامعًا تحت مظلته مزيجًا من الإبداع والتجارب الفنية المعاصرة، وينظم الحدث تحت إشراف هيئة الفنون البصرية التابعة لوزارة الثقافة، ويحمل شعار "على مشارف الأفق"، في إشارة إلى استكشاف مفاهيم التحول، والتجديد، والهويات المتعددة، ويهدف إلى ترسيخ موقع الرياض كعاصمة إقليمية للفن والثقافة، وتعزيز مكانة الفنون البصرية ضمن المشهد الحضاري للمملكة، وشمل البرنامج عروضًا فنية متنوعة شملت الرسم، النحت، الوسائط الرقمية، وفن الفيديو، حيث قدمت أعمال فردية لعدد من أبرز الفنانين السعوديين، ومجموعات فنية من مؤسسات عالمية، كما شهد الأسبوع تنظيم معارض نادرة من مقتنيات خاصة لم تعرض من قبل، ومشاركة المؤسسات الثقافية الكبرى لم تكن غائبة عن الحدث، فقد قدم مركز "إثراء" معرضًا يسلط الضوء على العلاقة بين التراث السعودي والتأثيرات العالمية في الفن، بينما نظمت مؤسسة "فن جميل" فعالية عن تطور فن الفيديو في منطقة الخليج، وفي مجمع الموسى تقام مجموعة من المعارض الفنية الفردية والجماعية التي تبرز إبداعات فنانين سعوديين بارزين، منهم أحمد ماطر، ومهند شونو، ومروة المقيط، واستعرضت مؤسسة SRMG تطوّر الفن التجريدي السعودي منذ نشأته حتى اليوم في عروض بصرية غنية ومتنوعة، واعتمد الفنانون المشاركون على تقنيات معاصرة وخامات مبتكرة بهدف خلق مساحة تفاعلية تشارك حواس الزوار وتثير التساؤلات، حيث لا يقتصر دور المشاهد على التلقي، بل يصبح جزءاً من التجربة، في رحلة تأملية تتناول مفاهيم المكان والانتماء في ظل تحولات العصر، وتجسد الأعمال المعروضة روح الحراك الفني السعودي المعاصر، من خلال سرد بصري يستلهم عناصر من التراث والعمارة والذاكرة الفردية، ويعبر عنها بلغة فنية تتراوح بين التجريد والرمزية، كما تسلط الأعمال الضوء على ثيمات إنسانية عميقة مثل الاغتراب، الهوية، وتقاطعات الثقافة، في معالجة تعكس وعيًا فنيًا متقدمًا يواكب الحراك الاجتماعي والثقافي في المملكة. ومن بين أبرز المشاركات الدولية التي استوقفت الزوار، جاءت أعمال الفنان الفرنسي قادر عطية، الذي قدم تجربة بصرية آسرة من خلال استخدام شظايا المرايا المحطمة كعنصر تعبيري، اعتمد الفنان عطية على الانعكاسات المجزأة للمرآة كرمز لحالة الإنسان المعاصر، حيث تسلط الأعمال الضوء على التحولات السريعة في المجتمع، والتصدعات التي تصيب الهوية والوعي الجمعي، وتقوم بتوظيف مساحة تأملية لدى المشاهد، وتدعوه لإعادة النظر في التناقضات الإنسانية، والعلاقة المعقدة بين الكسر والاكتمال، والماضي والحاضر. وقد حظي "أسبوع فن الرياض" بإشادة واسعة من جمهور الفن والنقاد، لما قدمه من تجربة متكاملة تعكس غنى وتنوع المشهد الفني السعودي، وفتح آفاقًا جديدة للحوار الثقافي الإقليمي والدولي، وينظر إلى هذه المبادرة كمؤشر على طموح المملكة في بناء اقتصاد إبداعي مزدهر، يعكس أهداف رؤية السعودية 2030 في دعم الفنون كأحد روافد التنمية المستدامة.