تستمر محافظة بيش بمنطقة جازان في الحفاظ على تقاليدها الثقافية والتراثية التي تمتد لعقود من الزمن. في قلب هذه المدينة التاريخية وتميز الأحياء الشعبية والأسواق القديمة بأجواء رمضانية فريدة، حيث تحيي هذه الأجواء الذكريات والتقاليد العريقة التي يحرص أهل المدينة على نقلها من جيل إلى جيل. وفي خطوة تهدف إلى تجديد هذه الثقافة وإعادة إحياء الأجواء الرمضانية، ولكنها مؤخراً أصبحت مسرحاً لمشروع جديد يهدف إلى إحياء ليالي رمضان وتوثيق الروابط الاجتماعية بين الأجيال المختلفة. أُطلقت مؤخراً مبادرة جديدة في منطقة "بيش البلد" لتعيد إلى الواجهة سحر الماضي وتدعم التراث الشعبي في سياق معاصر. بادرة تجدد ثقافة الأسواق والأحياء الشعبية وتحيي الأجواء الرمضانية ببيش البلد هذا المشروع، الذي ابتكره شاب من أبناء المحافظة، و لاقى ترحيب من بلدية بيش، ليترجم على أرض الواقع فكرة تقارب الأجيال وإحياء التراث الشعبي والعمارة السعودية التقليدية في أجواء رمضانية تجمع بين الأصالة والحداثة. فكرة المشروع: تجسيد التراث في أجواء رمضانية في البداية، كانت الفكرة بسيطة، ولكنها محورية: لماذا لا نعيد الحياة إلى أحياء بيش الشعبية ونحاكي التراث السعودي في ليالي رمضان، ليشعر الكبير والصغير بجمال هذه الأجواء التي تذكرهم بماضيهم؟ و تأتي كجزء من خطة لإعادة تأهيل هذه الأسواق وتعزيزها لتكون وجهة حيوية للزوار. تم العمل على تحسين المرافق وتطوير البنية التحتية بحيث تجمع بين الأصالة والحداثة. كما تم تزيين الشوارع والأسواق بمظاهر رمضانية مميزة مثل الفوانيس، الأضواء الزاهية، والزخارف التي تعكس روح الشهر الكريم. الأجواء الرمضانية وتفاعل المجتمع تعتبر الأجواء الرمضانية جزءًا لا يتجزأ من هوية بيش، حيث يحرص السكان على تزيين منازلهم وفتح أبوابهم للضيوف. المبادرة الأخيرة ساعدت في تعزيز هذه الأجواء من خلال تنظيم جلسات رمضانية مشتركة في الأحياء، حيث يتبادل الجيران الأطعمة والتهاني، ويشاركون في العديد من الفعاليات الخيرية. إحياء تراث الأسواق القديمة تعد أسواق بيش البلد واحدة من أبرز المعالم الثقافية في المدينة، حيث تمتاز بتنوعها وثرائها، إذ يضم السوق العديد من المحلات الصغيرة التي تقدم المنتجات الشعبية والمشغولات اليدوية. ومع حلول شهر رمضان المبارك، تشهد هذه الأسواق توافد الزوار من مختلف المناطق لشراء مستلزمات الشهر الفضيل، سواء كانت مكونات غذائية أو ملابس تقليدية. الأنشطة الرمضانية في الأحياء الشعبية لم تقتصر المبادرة على الأسواق فحسب، بل شملت أيضاً الأحياء الشعبية في بيش البلد، حيث تم تنظيم العديد من الفعاليات التي تهدف إلى استقطاب السكان والزوار للاستمتاع بالأجواء الرمضانية. من بين هذه الأنشطة: المسابقات الثقافية: التي تشمل أسئلة دينية وثقافية حول تاريخ بيش وتقاليدها الشعبية، والتي تهدف إلى تثقيف الأجيال الجديدة حول ماضيهم وتعريفهم بالتراث. عروض الفن الشعبي: حيث يتم تقديم عروض مميزة للموسيقى والرقصات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة، مثل "السامري" و"الجنابي". المأكولات الشعبية: التي تكثر في رمضان، مثل "اللقيمات" و"الشوربة" و"المكبوس"، التي تُعد من أهم الأطباق التي يتناولها أهالي بيش خلال إفطارهم. وفي حديث "للرياض" ذكر المهندس سعود يحيى بحري الذي ابتكر الفكرة وعمل على تصميمها وتنفيذها كان قد لاحظ في السنوات الأخيرة تراجع التجمعات العائلية في الأماكن العامة بسبب نمط الحياة الحديثة، فقرر أن يعيد الحياة لهذه الأماكن ويخلق بيئة رمضانية محورية تعزز من الروابط بين الأجيال. ويذكر المهندس سعود الهدف من المشروع ليس فقط إعادة إحياء الأسواق التقليدية والجلسات الرمضانية، بل أيضًا تعزيز جودة الحياة في بيش. من خلال الاستفادة من العمارة السعودية الأصيلة، وابتكار فعاليات ترفيهية تربط الماضي بالحاضر، و استهدفت الفكرة خلق بيئة يحتفل فيها الكبار والصغار معًا بأجواء رمضان تربط الجد بالحفيد في وقت واحد دور بلدية بيش في تنفيذ المشروع مع تنامي الفكرة التي طرحها المهندس سعود البحري لرئيس بلدية محافظة بيش و وجد إقبال المجتمع المحلي عليها، كانت بلدية بيش هي الشريك الأساسي في تحويل هذه الرؤية إلى واقع. قامت البلدية بتوفير الدعم اللوجستي، بالإضافة إلى التنسيق مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة لتقديم المساعدة الفنية والمالية وكانت بتنفيذ صاحب الفكرة ومتابعته شخصياً وإشراف البلدية . تم العمل على إعادة تأهيل السوق الشعبي في بيش، مع المحافظة على العمارة التقليدية التي تتميز بها المحافظة. و قامت البلدية بتنسيق فعاليات رمضانية يومية، مثل السوق الرمضاني، حيث يمكن للزوار شراء منتجات محلية تقليدية، مثل التمور، والعطور، والحلويات الرمضانية، بالإضافة إلى المشغولات اليدوية التي يبدع فيها الحرفيون المحليون. كما تم تزيين الشوارع والمباني بإضاءات رمضان، مما أضاف لمسة من السحر إلى الأجواء. إحياء العمارة السعودية والتاريخ المحلي من أبرز جوانب المشروع كانت العمارة السعودية التقليدية التي تمثل جزءاً مهماً من الثقافة المحلية في بيش. تم الحفاظ على التصميمات التراثية للمباني التي تتميز بالأسطح المسطحة والأسوار الحجرية والأبواب الخشبية المزخرفة. تم تأثيث الشوارع والمنازل المفتوحة بأثاث يحاكي الطراز القديم.