إن المرحلة الانتقالية التي تشهدها الدولة السورية تدعو جميع أبناء الشعب السوري الشقيق للوقوف صفاً واحداً في مواجهة أعدائهم السَّاعين لتدمير وطنهم، وتقسيم وحدة مجتمعهم، والسيطرة على قرارات حكومتهم ودولتهم، وسرقة ثرواتهم ومواردهم الوطنية.. ال 8 من ديسمبر 2024م، يُؤرخ لِنهاية حِقبة سياسية، بسقوط نظام البعث الذي حكم سورية لما يزيد على خمسين عاماً، وبداية حقبة سياسية جديدة بوصول أبناء الشعب السوري للعاصمة دمشق والسيطرة بعد ذلك على المقار الرئيسية للحكم في الدولة السورية بعد قرابة أربعة عشر عاماً من الحراك السياسي والعسكري الذي ابتدأ في مارس 2011م. نعم، تضحيات عظيمة بذلها أبناء الشعب السوري في سبيل الخروج من ظُلم وجور وقسوة وإرهاب نظام البعث خلال الخمسة والخمسين عاماً التي سيطر فيها على السلطة في الدولة السورية، وأرواح شجاعة ودماء عزيزة قدمها أبناء الشعب السوري في سبيل تحرير الشعب السوري والدولة السورية من نظام البعث العميل لأنظمة إقليمية غير عربية، والخائن للأمن القوي العربي. وبعد أن تحققت للشعب السوري تطلعاته المستقبلية العظيمة المتمثلة بإقامة سلطة سياسية مبادئها العدل والمساواة بين أبناء الشعب السوري، وهدفها المحافظة على سيادتها الداخلية والخارجية، وغايتها العودة للعمل العربي المشترك والمساهمة في حفظ وتعزيز الأمن القومي العربي، جاءت المملكة العربية السعودية بحكمة سياساتها على رأس الدول المؤيدة للنتائج العظيمة التي حققها أبناء الشعب السوري الشقيق، والداعمة للسياسات البنَّاءة التي اتخذتها السلطة السياسية الجديدة في الدولة السورية، والتي عبر عنها بيان وزارة الخارجية في 8 ديسمبر 2024م، والذي جاء فيه، الآتي: «تابعت المملكة العربية السعودية التطورات المتسارعة في سوريا الشقيقة، وتعرب عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها. وإذ تؤكد المملكة وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق وخياراته في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا لتدعو إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها - بحول الله - من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، وتؤكد المملكة دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها. كما تدعو المملكة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق والتعاون معه في كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومساندة سوريا في هذه المرحلة بالغة الأهمية لمساعدتها في تجاوز ويلات ما عانى منه الشعب السوري الشقيق خلال سنين طويلة راح ضحيتها مئات الألوف من الأبرياء والملايين من النازحين والمهجرين وعاثت خلالها في سوريا الميليشيات الأجنبية الدخيلة لفرض أجندات خارجية على الشعب السوري. وقد آن الأوان لينعم الشعب السوري الشقيق، بالحياة الكريمة التي يستحقها، وأن يساهم بجميع مكوناته في رسم مستقبل زاهر يسوده الأمن والاستقرار والرخاء، وأن تعود سوريا لمكانتها وموقعها الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي.» وإذا كان هذا البيان يُعبر صراحةً عن عظيم المواقف السياسية الداعمة للشعب السوري ومستقبله الزاهر، فإن المواقف السياسية التالية لهذا البيان تُعبر بجلاء عن الدعم والتأييد غير المحدود الذي أبدته سياسات المملكة العربية السعودية تجاه جميع السياسات البنَّاءة والهادفة التي اتخذتها السلطة السورية الجديدة في سبيل حفظ أمن وسلام واستقرار الدولة السورية، وسعيها الدؤوب في تخفيف المعاناة عن شعب سورية الشقيق. وإذا كانت المملكة العربية السعودية تأتي على رأس الدول التي أبدت صراحةً تأييدها ودعمها ومُساندتها للمرحلة السياسية الجديدة والبنَّاءة في الدولة السورية، فإن هناك أطرافاً إقليمية ودولية عبرت صراحةً عن أسفها وحزنها على سقوط نظام البعث في دمشق، وتحدثت صراحةً عن معاداتها للسلطة السياسية الجديدة في الدولة السورية، ورفعت شعاراتها المُعادية للشعب السوري، وطالبت صراحةً بالخروج على السلطة السياسية الجديدة في دمشق بالتحريض وبث الفتنة بين فئات وأطياف الشعب السوري من أجل استمرار الصراع المسلح في جميع المناطق السورية. نعم، إن عودة الدولة السورية لمكانتها الطبيعية في المنطقة العربية، وإن إقامة نظام سياسي جديد في سورية على أسس تعزز من مكانة الأمن القومي العربي، مسائل تزعج كثيراً أعداء الأمة العربية بشكل خاص، وأعداء الأمة الإسلامية بشكل عام. وللتعبير عن الإدانة المُباشرة لمثل هذه التدخلات الهدامة والسلبية في الشؤون السورية ومحاولة زعزعة أمنها واستقرارها، صدر بيان عن وزارة الخارجية، في 27 فبراير 2025م، جاء فيه، الآتي: «تُعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية واستنكارها قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية عدة مناطق في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، ومحاولاتها زعزعة أمنها واستقرارها في انتهاكات متكررة للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة. وتعبر المملكة عن تضامنها مع سوريا حكومة وشعباً. وتؤكد على ضرورة نهوض المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف التصرفات الإسرائيلية التي تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة، ومنع اتساع رقعة الصراع. وهو الأمر الذي حذرت منه المملكة مراراً». نعم، إن أعداء الدولة السورية، وأعداء الشعوب العربية، والمُستهدفين للأمن القومي العربي، يعملون على استغلال المرحلة الانتقالية في الدولة السورية من خلال إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب السوري، ويسعون لزعزعة حالة الأمن والسلام والاستقرار الداخلي من خلال بث الشائعات الكاذبة والهادفة لإثارة الفرقة بين أبناء الشعب السوري، ويعملون على تهريب السلاح وتصدير العناصر المتطرفة والإرهابية عبر الحدود إلى داخل الدولة السورية لإثارة النزاع المسلح بين فئات الشعب السوري في جميع المناطق والأقاليم السورية. نعم إن الأنظمة المُعادية للشعب السوري، وتلك التي خسرت من سقوط نظام البعث، تسعى بكل طاقاتها، من خلال توظيفها للجماعات الخارجة عن القانون داخل الدولة السورية، لإسقاط السُلطة السياسية الجديدة، والسعي لإثارة الفتنة الطائفية والعرقية والدينية بين أبناء الشعب السوري. وفي سبيل تعزيز الجهود العظيمة والبنَّاءة التي تقوم بها السلطة السياسية الجديدة في سوريا، صدر بيان عن وزارة الخارجية، في 7 مارس 2025م، وجاء فيه، الآتي: «تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية الجرائم التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية، وتؤكد المملكة وقوفها إلى جانب الحكومة السورية فيما تقوم به من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي». وفي الختام من الأهمية القول إن بناء الدولة السورية الجديدة، وتعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار في المجتمع السوري، يتطلب من جميع أبناء الشعب السوري الشقيق الوقوف صفاً واحداً في مواجهة أعدائهم في الداخل وفي الخارج، والسعي لدعم ومُساندة حكومتهم وقراراتها البنَّاءة، والاصطفاف خلف قياداتهم السياسية الهادفة لتعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار والازدهار في جميع المناطق السورية. نعم، إن المرحلة الانتقالية التي تشهدها الدولة السورية تدعو جميع أبناء الشعب السوري الشقيق للوقوف صفاً واحداً في مواجهة أعدائهم السَّاعين لتدمير وطنهم، وتقسيم وحدة مجتمعهم، والسيطرة على قرارات حكومتهم ودولتهم، وسرقة ثرواتهم ومواردهم الوطنية. إنها الحقيقة التي يجب أن يؤمن بها كل مواطن من أبناء الشعب السوري الشقيق، وإنها الحقيقة التي يجب أن تؤمن بها الشعوب العربية لتسارع خطواتها في سبيل توحيد صفوفها لمواجهة أعداء الأمن القومي العربي على جميع المستويات الداخلية والخارجية.