الأموال المحولة يرسلها نحو 200 مليون إنسان لتحسين الظروف المعيشية لما يصل ل800 مليون إنسان آخر، ويختلف حجمها بين الدول، بسبب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتحويلات المالية قيمة متزايدة فقد بلغت 802 مليار دولار في 2022، والمتوقع ارتفاعها إلى خمسة تريليونات و400 مليار دولار في 2030، لأنها مهمة في تخفيف حدة الفقر، وفي تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المعيشة.. أرقام البنك الدولي تشير إلى أن تحويلات الأجانب الخارجية في المملكة ارتفعت عام 2024، وسجلت أفضل مستوياتها منذ 2021، وأنها وصلت إلى 144 مليار ريال، أو ما يعادل 38 مليارا و400 مليون دولار، وقد جاءت في المرتبة الثالثة عالميا قياسا لحجم تحويلاتها، والقائمة الدولية تتصدرها أميركا ب85 مليارا و800 مليون دولار، والتحويلات الأجنبية طوال تاريخها السعودي ارتفعت في 17 عاما، وتراجعت في 13 عاما، ويعتبر 2024 سابع أعلى الأعوام في مجموع المبالغ المحولة، بينما يأتي عام 2015 بوصفه أكثر الأعوام السعودية تحويلا على الإطلاق، وبقيمة تجاوزت 175 مليار ريال، أو قرابة 46 مليارا وسبع مئة مليون دولار، وأكبر الدول المستفيدة من التحويلات الدولية، لا تخرج عن الهندوالمكسيك والصين، استنادا لأرقام 2023، وبما مجموعه 235 مليارا و500 مليون دولار، والتحويلات الخارجية تكون في الغالب مصدر دخل أساسيا لأسرة المحول، والوسيلة الوحيدة لدعم استقرارها. تحويلات العاملين في الخارج تمثل ركنا أساسيا للحياة الكريمة، وفي أكثر من 125 دولة حول العالم، وقد قدرت قيمة التحويلات لهذه الدول في 2022 بنحو 630 مليار دولار، وبحسب إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للبنك الدولي فإن أكبر خمس دول استقبلت تحويلات العاملين في الخارج عام 2021، شملت الهند والصين والمكسيك والفلبين ومصر، وبإجمالي تحويلات يقارب ال265 مليار دولار، وهناك دول تعتمد بصورة رئيسة على التحويلات الخارجية، ومن أمثلتها لبنان الذي يتعمد عليها وبنسبة 45 % من كامل اقتصاده. الأمر لا يتوقف عند هذ الحد، لأن بعض الدراسات المتخصصة تشير لدور التحويلات الخارجية في خفض مستوى الفقر بالدول التي تستقبلها، ومن الأمثلة تخفيضها لمعدلات الفقر في أوغندا بنسبة 11 %، وفي بنغلاديش بنسبة 6 %، والدول الأكثر اعتماداً على التحويلات المالية في الناتج المحلي الإجمالي، استنادا لأرقام 2022، تشمل تونغا ولبنان وسامورا وطاجيكستان وقيرغيزستان، ومعها هندوراس وجنوب السودان والسلفادور وهايتي، والهند وغواتيمالا والمكسيك، ويتراوح اعتمادها ما بين 49,9 % في تونغا، و11,5 % في المكسيك، ولا بد من التنبيه إلى أن التحويلات لا تعطي ميزة للدول المفرطة في الاعتماد عليها، لأنها تربك النمو الاقتصادي وتشله مع الوقت. التحويلات المالية العالمية، أو نصفها تحديداً، تدعم اقتصاد مناطق يعيش فيها 75 % من فقراء العالم، وطبقاً لتقرير البنك الدولي قبل ثلاثة أعوام فإن مصر تصدرت القائمة العربية لتحويلات العاملين بالخارج، وجاءت المغرب ثانيا، ولبنان ثالثا، والأردن رابعاً، وتونس خامساً، والسودان سادساً، وبمبالغ تبدأ ب32 مليارا و300 مليون دولار، وبنسبة 6,9 % من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، وتنتهي بمليار دولار، وبنسبة 2,4 % من هذا الناتج في السودان، وقد توقع البنك الدولي تباطؤ وتيرة تحويلات العرب الخارجية في الأعوام التالية، بفعل الركود الاقتصادي، ونتيجة لارتفاع مستويات التضخم على مستوى العالم، ومعها الأزمة الأوكرانية، وتقلب أسعار الطاقة وصرف العملات، وهو ما حدث بالفعل، والتحويل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفض بشكل ملحوظ في 2023، وكامل المبالغ المحولة إليها توقفت عند 55 مليار دولار، وما زال الانخفاض متواصلاً، ومعظم الدول السابقة تواجه ورطة مالية حقيقية هذه الأيام، وتحاول ابتكار حلول لمعالجة أزماتها الصعبة. الأموال المحولة يرسلها نحو 200 مليون إنسان لتحسين الظروف المعيشية لما يصل ل800 مليون إنسان آخر، ويختلف حجمها بين الدول، بسبب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتحويلات المالية قيمة متزايدة فقد بلغت 802 مليار دولار في 2022، والمتوقع ارتفاعها إلى خمسة تريليونات و400 مليار دولار في 2030، لأنها مهمة في تخفيف حدة الفقر، وفي تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المعيشة، بخلاف كونها، في مجموعة واسعة من الدول، مصدرا رئيسا لمخزون النقد الأجنبي بعد صادرات الدولة. لا يمكن بالتاكيد القول إن تحويلات الأجانب تنطوي على سلبية باستمرار، وخصوصا في الدول التي ترسلها، لأنها في حالة المملكة تشير إلى متانة الوضع الاقتصادي، وإلى الإنفاق الحكومي المرتفع، وإلى المشروعات الضخمة التي تعمل عليها الدولة وموازناتها المليارية، وبالتالي فالأعداد الكبيرة من الأجانب والأعمال المكتبية والميدانية محل اهتمامهم، وبحسب أدوارهم كمستثمرين وموظفين من أصحاب الياقات البيضاء، أو عمال أقل تأهيلا من ذوي الياقات الزرقاء، ومعها ضخامة الاستثمارات الأجنبية في الداخل السعودي، ومن بينها؛ السماح للأجانب مؤخراً بتملك أسهم في الشركات العقارية، وبالاستحواذ على حصة لا تزيد على 49 % فيها، وبالأخص في عقارات مكة والمدينة، وإصدار تشريعات ضامنة لحقوق المستثمرين والعمالة الأجنية، وبما يكفل، في كل الأحول، إنفاق جزء من أموال الأجانب داخل الأراضي السعودية، والبقية ترسل لأسرهم أو لمصالحهم الأخرى، وصرح وزير المالية السعودي في منتدي دافوس الأخير أن كل دولار تنفقه الحكومة تصل عوائده إلى 200 دولار، ما يعني أن المنفعة المحلية متحققة، ولا يوجد مبرر للتفسيرات المتشائمة.