في عصر هيمنت فيه وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الأفراد، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من يومهم، يقضي طلاب المرحلة الثانوية ساعات طويلة في التصفح والتفاعل مع المحتوى، ومتابعة المؤثرين، حتى يجدوا أنفسهم بين فخ الإلهام والمقارنة، وبينما توفر هذه الوسائل فرصاً للتعلم والتواصل، فإنها قد تؤثر بشكل سلبي على الثقة بالنفس وتقدير الذات لدى الطلاب، مما تثير تساؤلات حول تأثيراتها؛ هل تعزز الإحساس بالإنجاز والانتماء؟، أم تدفع إلى المقارنة والتقليل من قيمة الذات؟. وفي هذا الإطار، أوضحت أمل محمد -مرشدة طلابية بإحدى مدارس الثانوية في الرياض- أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل سلاحاً ذو حدين، فهي قد تكون مصدراً للإلهام، لكنها قد تخلق أيضا مشاعر سلبية، مبينةً أن الطلاب قد يجدون أنفسهم في مقارنة دائمة مع المحتوى المثالي الذي يعرض على هذه الوسائل، مما يسبب لديهم شعوراً بعدم الرضا عن أنفسهم، كما أن التعليقات السلبية والتنمر الإلكتروني تؤثر بشكل كبير على الثقة بالنفس، حيث يعتمد بعض الطلاب على قياس قيمتهم الشخصية بعدد الإعجاب والمتابعين، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى مشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب. وأضافت أن دور المدرسة والأسرة في توجيه الطلاب نحو الاستخدام الصحي والمتوازن لهذه الوسائل أمر بالغ الأهمية، ذاكرةً أنه من الممكن للمدارس أن تقدم برامج توعوية وورش عمل لتعليم الطلاب كيفية التعامل مع المحتوى المضلل، وأهمية تخصيص وقت لمتابعة المفيد الذي يعزز من مهاراتهم، مُشددةً على ضرورة تقديم حلول لمكافحة التنمر الإلكتروني، بما يسهم في بناء صورة ذاتية إيجابية لدى الطلاب بعيداً عن المقارنات غير الواقعية. وأشارت إلى أنه على الأسرة توفير بيئة آمنة للحوار، تسمح للطلاب بالتحدث عن تجاربهم الشخصية في وسائل التواصل أو حول التنمر الذي قد يتعرضون له، بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون الوالدان قدوة في الاستخدام المتوازن لتلك الوسائل، مع وضع ضوابط زمنية للاستخدام وتشجيع الأنشطة الواقعية التي تعزز التفاعل الاجتماعي بعيداً عن الانغماس في العالم الافتراضي. ويبقى التحدي الأبرز هو تعزيز الوعي لدى الطلاب حول كيفية الاستخدام الصحيح والآمن لوسائل التواصل الاجتماعي، مع ضرورة تعاون المدرسة والأسرة لتوجيههم نحو بيئة رقمية سليمة، وضمان تنشئة جيل قادر على التعامل مع هذه الوسائل بوعي وتوازن بعيدًا عن المقارنات السلبية.