تُعبّر الأزياء السعودية عن الأبعاد التاريخية والإرث الأصيل لتراث المملكة الزاخر بالتنوع الثقافي، حيث تَبرُز لكل منطقةٍ فنونها الخاصة في حياكة وصناعة أزيائها لتتناسب مع طبيعة الأجواء المناخية والجغرافية المتنوعة لثلاث عشرة منطقة إدارية تتفرد كلٌّ منها بتراثٍ متدفقٍ بروحِ أبنائها وهويتهم، لينتظم في نسيج الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. ويبرز "الثوب العسيري" المعروف ب"المزند" كأشهر الأزياء التقليدية النسائية في منطقة عسير وخصوصاً مدينة أبها وما جاورها، والتي تعكس ثقافة المجتمع الجنوبي بجمالياته وتفاصيله الدقيقة، ويتميز بتصميمه الفريد وألوانه الزاهية التي ترتبط بطبيعة المنطقة الجبلية وتنوعها البيئي، حيث يستخدم الحرفيون العديد من الزخارف الهندسية والنقوش المستوحاة من التراث المحلي لتزيين الثوب الذي تجاوز كونه زيّاً تقليدياً، ليصبح رمزاً للفخر والعزة، ويحمل في طياته تاريخ المنطقة وثقافتها. يُصنع الثوب العسيري من الحرير الأسود ويُزيّن بالخيوط الذهبية والفضية، وظهرت منه تصاميم حديثة وأشكال جديدة، نظراً لاهتمام مصممي ومصممات الأزياء بتقديمه في العديد من المحافل المحلية والدولية، كما يحرص زوار منطقة عسير من داخل وخارج المملكة على اقتناء الثوب العسيري للاستخدام الشخصي أو المناسبات الخاصة، نظير ما يتميز به من جمال وتفرد، يعكسان مهارة حِرفيي وحِرفيات المنطقة وقدرتهم على تحويل الخيوط والأقمشة إلى أعمال فنية جديرةٍ بالإعجاب، وسط اهتمامٍ ورعايةٍ كبيرة من وزارة الثقافة التي أعلنت مؤخراً عن وسمها للعام الجاري ب"عام الحِرف اليدوية 2025" بهدف تسليط الضوء على أبرز المهن التقليدية في كافة مناطق المملكة، ودعمها وتوفير الرعاية الكافية لها لاستمرارها واستدامتها. وتُعدّ حرفة صناعة الثوب العسيري من أبرز الحِرف التي ستستفيد من هذه المبادرة، وذلك من خلال دعم المبادرة للحرفيين المحليين وتوفير فرصٍ لهم للتدريب والتعليم، إلى جانب تنظيم ورش عمل ومعارض محلية ودولية تساهم في تعزيز حضور هذه الحرفة على الساحة العالمية، كما تتيح المبادرة منصة لتسويق المنتجات الحرفية التقليدية، مما يساعد على تحسين الوضع الاقتصادي للحرفيين واستدامة إنتاجهم، ودعم السياحة الثقافية من خلال تقديم منتجات حرفية ذات جودة عالية تعكس تراث المملكة الغني، ليتناقل الأجيال تلك الحِرف ويطوّروها لتلائم احتياجات العصر الحديث، مع الحفاظ على أصالتها وقيمتها التراثية.