في زمن التطور والتغيير والانبهار، نرى أن الثقافه قد تواجه تحدياً قوياً، هنا تأتي الحاجه إلى حماية العمق الإنساني للثقافه من السطحية، فأنا أرى أنها موقف حقيقي قبل أن تكون مشروعاً تنموياً. استوقفني سؤال جوهري سأطرحه لنتشارك به، ونعي ما نحن قادمون عليه، وكيف للاستدامة أن توظف في حياتنا بطريقة مميزة. هل نحن نعيش في عالم يضمن بقاء الثقافه كجزء من استدامة الحياة، أم نحن نحاول فقط تحقيق ثقافة البقاء؟ فيما أرى لا يمكن أن نعطي إجابة مشبعة حتى نعرف تماماً أن قدرتنا على رؤية الثقافه تتجاوز اللحظه الراهنة، وتخدم أجيالاً قادمةً، كما تخدم حاضرنا ومستقبلنا. وتجعل أفراده اكثر ثقافة ووعيًا وهو ما يحسن جودة الحياة، ولهذا جاء تأسيس صندوق التنمية الثقافي بموجب مرسوم ملكي عام 2020 م ليثري لنا مفهوم التنمية المستدامة في الميدان الثقافي. نحن بحاجة إلى رؤية تصنع من الثقافة عنصراً مهماً في برامج الاستدامة العالمية، وهو ما نطمح إليه ونحاول مواكبته لأنها بمثابة المفتاح الذي يضمن أن الإنسان سيبقى متأصلاً في جذوره. أعلم أننا أبناء هذا الوطن العظيم أصبحنا في مواكبة هذا العالم المتسارع الخطى، ومتغير الأولويات بفعل الانفتاح العالمي والتطور المبهر، إن لم نكن في المقدمة. وهو ما يجعلنا في أمس الحاجة إلى الحفاظ على الهوية الثقافية كأحد أعمدة الاستدامة الإنسانية، دائماً ما أذكر أن الثقافة هي ذاكرة الأمة وروحها التي ينبض عبر الأجيال. ووفقاً لتقرير 2021م في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في القطاع الثقافي يعتمد على حفظ كل هذا التراث وتوثيقه. إن ما أعنيه بالاستدامة في ثقافتنا ليس الاكتفاء بحفظ التراث في المتاحف فقط، أو الاحتفاء بها في مناسبات مؤقتة؛ بل أن نعطي هذا الإرث حياة جديدة مبدعة من خلال دمجه في حياتنا اليومية، وإبرازه عبر أدوات معاصرة تجعله قادرًا على الصمود في وجه تسارع هذا العالم. وقد تأتي أحد هذه الأدوات كأحد الأمثلة لما يوجد في وطننا الغالي من حفظ للتراث المعماري وإعادة استخدامه بطرق تواكب هذا العصر، أيضاً رقمنة هذا التراث باستخدام منصات رقمية لحفظ المخطوطات القديمة، والوثائق النادرة، ودمج هذا التراث في المجالات العلمية بتوفير ورش عمل تفاعليه للطلاب تركز على تعلم الفنون والحرف، واحياء اللهجات المحلية المهدده بالاندثار. جميع ما نفعله نحن نتخذه ضمان أن ثقافتنا ليست مجرد ثقافة ماضية؛ بل هي قوة حية تكبر وتنمو وتزدهر في ظل أهداف التنميه المستدامة. الثقافة والاستدامة تجمعان الإنسانية في حاضر ومستقبل ومشترك