رغم ارتفاع أسعار المساكن والإيجارات في مناطق المملكة منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أن هناك توقعات بأن هذا الارتفاع لن يستمر طويلاً، وأن سوق العقار ربما يشهد تغيرات في الفترة المقبلة، عطفاً على ثلاثة مستجدات للأحداث محلياً وإقليمياً ودولياً، الأمر الذي يعزز من خفض أسعار العقارات بشكل أو بآخر، ويشير أصحاب هذه التوقعات إلى أن تاريخ العقارات السعودي طالما شهد موجات ارتفاع، أعقبتها تراجعات كبيرة. ويمثل ارتفاع الإيجارات في المملكة تحدياً كبيراً أمام مختلف الأسر في مختلف مناطق البلاد، وتتنوع أسباب هذه الارتفاعات ما بين أسباب اقتصادية، وأخرى ديموغرافية. وعزا عقاريون أسباب ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات إلى زيادة الطلب على المساكن، بفعل نمو عدد السكان. وتوافد المقيمين، الذين زاد طلبهم على الوحدات السكنية، خاصة في المدن الكبرى، مثل "الرياض، جدة، والدمام" حيث تشهد تلك المدن نمواً ملحوظاً بفعل المشاريع التنموية التي جاءت بها رؤية 2030، ورغبة الكثيرين في التمركز بالقرب من هذه المشاريع، مثل "مشروع نيوم والقدية، ومشاريع الإسكان الضخمة التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة" ويضاف إلى جملة الأسباب أيضاً، توجه الدولة بتطوير العديد من المناطق، وتعزيز المرافق والخدمات وتحسينها، الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعار الأراضي والعقارات، وبالتالي ارتفاع أسعار الإيجارات. أسباب الارتفاع وساق عقاريون أسبابا أخرى، أسفرت عن إرتفاع أسعار العقارات، مثل ارتفاع تكاليف البناء، من مواد خام، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأراضي داخل المدن وعلى الأطراف وهو ما أنتج عقارات مرتفعة الثمن بيعاً وإيجاراً، وقد أشارت بيانات هيئة الإحصاء، إلى أن أسعار مواد البناء شهدت زيادات ملحوظة في السنوات الأخيرة، ما زاد من تكلفة إنشاء الوحدات السكنية الجديدة، كما أن فرض رسوم إضافية على العمالة الوافدة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة على الخدمات العقارية ساهم في زيادة تكاليف الإيجارات على المقيمين. الأسباب السابقة لارتفاع قيمة العقارات، لم تمنع بعض المواطنين والمقيمين من توجيه انتقادات إلى بعض أصحاب العقارات، بسبب مغالاتهم في قيمة إيجارات عقاراتهم، وطالبوا في الوقت نفسه الجهات المعنية بوضع حلول تحد من استمرار ارتفاع العقارات. توقعات بالتراجع وكانت المملكة أعلنت وتحت مظلة رؤية 2030 ومستهدفاتها، عن رغبتها الجادة في تنويع مصادر الدخل القومي للبلاد، بعيدًا عن دخل قطاع النفط، وهو ما أوجد تحولاً جذرياً أدى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الكبيرة إلى قطاع العقارات الوطني، وكان لهذا المشهد تأثيره في الاقبال على الأراضي وارتفاع أسعارها، وبالتالي ارتفاع قيمة العقارات والإيجارات. وفيما تتواصل شكوى المستأجرين من ارتفاع أسعار الإيجارات في عدد من مناطق المملكة، وفي مقدمتها مدينة الرياض، الذين أعربوا عن مخاوفهم من استمرار هذه الزيادة، رأى عقاريون أن هذه الزيادات كانت متوقعة، عطفاً على التغيرات السريعة والمتتابعة التي شهدها الاقتصاد الوطني. وقالوا: "كما نعلم، الرؤية جاءت بمشاريع تنموية عملاقة، تنطلق من برامج جودة الحياة، التي تستهدف جذب العديد من الأسر السعودية والمقيمة للسكن بالقرب من هذه المشاريع، ومن ثم العمل والعيش في مناطق سكنية نموذجية". وضربوا مثالاً: "هناك مترو الرياض، الذي بدأ العمل في العاصمة أخيراً، وأوجد حالة من تعزيز الترابط بين مناطق المدينة، الأمر الذي جذب العديد من الأسر للسكن بالقرب من محطات المترو، وكان هذا كفيلاً بارتفاع أسعار هذه المساكن وإيجاراتها بنسب متفاوتة أيضا". وأضافوا: "مع استمرار تنفيذ المزيد من المشاريع التنموية في مناطق المملكة، توقّع العقاريون أن يخف الضغط على شراء المساكن الجديدة، وبالتالي تراجع قيمة الإيجارات بنسب متفاوتة، ومن ثم استقرار أسعار مبيعات العقارات على المديين المتوسط والبعيد". نسبة التضخم وتوقع العقاريون إمكانية حدوث هدوء في أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، وقال: "يجب ألا نغفل أسباب التضخّم عالمياً، وارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات خلال الفترة الماضية، وهذا التضخم الذي وصل إلى 1.6 %، تشارك فيه أسعار العقارات التي ارتفعت في الفترة الماضية". حجج واهية وشكا مواطن من الارتفاع الكبير لقيمة الإيجارات، وطالب بإيجاد حلول عاجلة، تحد من هذا الارتفاع، حماية للأسرة. وقال: "الحجج التي يرددها بعض ملاك العقارات، لتبرير ارتفاع الإيجارات لديهم، تبدو واهية، وغير مقبولة، خاصة تبرير ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء"، موضحاً أن "80% من إجمالي الشقق المؤجرة موجودة في مباني قديمة، بُنيت في "زمن الرخص"، وبالتالي ليس من المنطقي أن يبادر أصحابها بارتفاع قيمة الإيجارات، أسوة بالمباني الحديثة". وتابع "أستطيع التأكيد على أن ارتفاع أسعار العقارات، وقيمة الإيجارات لن يدوم طويلاً، وستشهد تراجعاً معقولاً، عطفاً على زيادة المعروض السكني الذي توفره مشاريع وزارة الإسكان للمواطنين من جانب، وانتهاء مشاريع الدولة، بما فيها المشاريع السكنية الجديدة، التي ستدخل حيز الخدمة، وبالتالي يزداد المعروض، ويقل الطلب، وبالتالي تتراجع الأسعار".