منذ الإعلان عن رؤية المملكة في 2016 وانطلاق برامجها التنفيذية مستهدفة معظم القطاعات - إن لم يكن جميعها - ونحن نشهد تحولًا اقتصاديًا غير مسبوق مترافق مع حراك سياسي رائد في ظل تطورات سياسية إقليمية وعالمية متسارعة تجعل من دور المملكة الاستراتيجي أكثر أهمية ويرسم معالم قيادتها للعالم الإسلامي والعربي بشكل واضح، وهذا الدور لاشك أنَّه يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي لذلك يمكن قراءته بين التحديات والفرص. فإذا استعرضنا الإنجازات الكثيرة التي تحققت نجد: أنَّه قد زادت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وتمَّ استقطاب استثمارات أجنبية ضخمة عبر تسهيل التشريعات الاقتصادية والبنية التنظيمية والتسهيلات الممنوحة من قبل الحكومة، والعمل مستمر على تعظيمها وفق الخطط الموضوعة، كما لمسنا جميعًا حجم النمو الكبير في قطاعات التكنولوجيا ودور المملكة الريادي كمركز عالمي في هذا القطاع، بالإضافة إلى السياحة، والترفيه ضمن المشاريع الاستراتيجية الضخمة التي بدأت تظهر معالم آثارها الاقتصادية ضمن التوجهات والأولويات في الإنفاق الرأسمالي لدى الحكومة أو الإنفاق التحولي. لا ننفي أنَّه مع جميع هذه الإنجازات هناك بعض التحديات، لكن في الوقت ذاته المملكة تمتلك خبرات مميزة ومجربة في التعامل مع الأزمات سواء الطارئة كأزمة جائحة كورونا، أو التحديات الاقتصادية المستمرة، كالتوترات الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على الاستقرار الاقتصادي، والتقلبات في أسعار النفط العالمية وتأثيرها على الإيرادات العامة، بالإضافة إلى الحاجة الملحة والضرورية في تحقيق توازن بين الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي السريع. تعزز المملكة باستمرار الاستثمار في البنية التحتية في المشاريع الضخمة التي من شأنها دعم الجاذبية الاستثمارية، كما يستمر العمل دومًا على تهيئة بيئة الأعمال المرنة لدعم القطاع الخاص وزيادة وتعظيم مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي ودعم الاقتصاد الرقمي الذي يعد نقطة تميز استثماري مستدام جعلنا في المملكة محط أنظار العالم. في المقابل: نشاهد الدبلوماسية الاقتصادية التي ترافق الدور السياسي، حيث تقوم المملكة بدورها في الحفاظ على استقرار المنطقة من خلال الوساطة في النزاعات الإقليمية ودعم الاستقرار السياسي في الدول المجاورة عبر المساعدات الاقتصادية والدبلوماسية. ونحن شهدنا واقعياً من خلال مؤتمر الرياض الخاص بسوريا قبل أيام الدور الفاعل في دعم وتعزيز ومساندة الدول في النهوض من الخراب الذي أحدثته التدخلات الأجنبية وخصوصاً في سوريا ولبنان، حيث يتم العمل على دعم استقرارها واستراتيجيتها الواضحة في دعم جهود السلام والأمن التي تحقق مصالح الدول العربية وأمن شعوب المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع القوى الكبرى مثل الولاياتالمتحدة والصين وروسيا، لضمان التوازن في العلاقات الدولية، واستثمار الاقتصاد كأداة لتحقيق أهداف سياسية من خلال شراكات استراتيجية واستثمارات خارجية عبر بناء بيئة استثمارية آمنة وجاذبة وعقد شراكات اقتصادية تعزز من دور المملكة كمركز لوجستي وتجاري عالمي ولاعب رئيسي في الأمن العالمي الطاقة. وفي الحديث عن التوقعات والتطلعات يُتوقع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي السعودي 6.4 تريليونات ريال بحلول عام 2030؛ مما يعزز مكانة المملكة الاقتصادية عالميًا وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد بنسبة تتجاوز 65 % بحلول عام 2030، كل ذلك في ظل التكامل بين القوة الاقتصادية والسياسية التي تمنح المملكة نفوذًا كبيرًا على الساحة العالمية والاستثمار الاقتصادي الاستراتيجي في الدول المجاورة لتعزيز الاستقرار السياسي الإقليمي واستخدام مكانة المملكة الدينية في بناء تحالفات اقتصادية وسياسية أوسع مع الدول الإسلامية. ختامًا: ينبغي علينا كأبناء الوطن أن نعمل معًا على ضمان استدامة العمل والنجاح من خلال زيادة الوعي المجتمعي بأولوية تحقيق مستهدفات الرؤية الإصلاحية وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية مع الشركاء الدوليين والاستثمار بالبحث العلمي لتمكين الكوادر الوطنية التي تقود المستقبل وتنقل التجربة خارج حدود الوطن وتسريع اكتمال مشاريع التحول الرقمي من خلال: التكنولوجيا والابتكار وتبقى الحقيقة الثابتة: إنَّ مستقبل المملكة ليس مجرد حلم، بل هو خطة محكمة التنفيذ يقودها طموح القيادة السعودية وشغف أبناء الوطن.