بالأمس كُنا في رحلة هي أشبه بقصيدة، في ربوع الوطن الغالي سطورها مترجمات طبيعتها، وأبياتها من قلوب أهلها، لم تكن مجرد رحلة، بل كانت أماكن في أرجاء الوطن تخبرك بأن الأرض تتنفس عشقاً وجمالاً. إن روية 2030 ليست خريطة مستقبل فقط بل واقع جميل يترجم في تفاصيل الحياة.. لقد أثار في مخيلتي هذا الجمال، كيف أن هذه الطبيعة تأخذني إلى جمال آخر، كأن الأرض تهمس لي، والأفكار تتدفق بأريحية.. فكل مشهد، وكل متحف، وكل أثر ومكان، كان يروي حكاية مختلفة. نعم.. هذه هي سياحة وتراث بلادي العظيمة، التي تُعد أحد أهم ركائز المملكة للإسهام في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، التي تضم منظومة السياحة، وبرامجها ووزارتها، ومجلس التنمية السياحي، والكثير من المراكز والمجالس، والهيئات التي أُسست وفقاً لأفضل المعايير العالمية. وكما نفخر بالوطن في الخارج أيضاً نحن نفخر بالجمال الداخلي في مملكتنا الحبيبة التي يجب أن نفتح نوافذها الحيّة لنطل من خلالها على تاريخنا العريق، وهويتنا الوطنية وتراثنا الأصيل.. هي ليست أماكن فقط أو مجرد مشاهد أثرية؛ هي تجارب نعيشها بحواسنا.. تدعونا للبحث والاكتشاف من خلال ملامسة التاريخ، كأن السياحة والمعالم الأثرية والتراثية أصبحت عملية فلسفية تُعيد تشكيل معرفتنا للحياة والوطن. حقيقة يجب إدراكها أن صدى كلمات سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- عندما قال: «همّة السعوديين مثل جبل طويق» جعل منها رمزاً لقوة طموحنا وسمو عزيمتنا.. وأصبحت درساً في الانتماء والتلاحم فقد أثار ذلك جهود القائمين في كل المجالات على بذل كل الجهود لإبراز هذا الجمال في كل مجال. وقد أولت المملكة العربية السعودية في تطوير السياحة التراثية الوطنية اهتماماً كبيراً بالمناطق التاريخية، والمواقع الأثرية، لتصبح وجهات سياحية عالميه تستقبل الزوار من داخل وخارج المملكة وهذا ما يجعلنا محل الفخر والاعتزاز بتراثنا وأصالتنا وماضينا العريق وحاضرنا المشرق. لذا فان الحفاظ على هذه الهوية السياحة التراثية الوطنية بحفظ مكوناتها سيجعلها تصبح مصدر للإلهام والتنمية الاقتصادية، وليس فقط للجمال والتأمل. وقد أسعدنا كثيراً عندما أعلنت هيئة التراث مؤخراً اعتماد تسجيل وتوثيق العديد من المواقع الأثريّة الجديدة للوطن الغالي الموجودة على أرضه في مختلف المناطق في السجل الوطني للآثار؛ ولن ننسى كيف أن نحيا بوعي أن كل قصة منسية وكل أثر قديم هو إرث حيّ يولد من جديد حين يُعاد اكتشافه وإحياؤه عبر القلوب والعقول. نجلاء الربيعان