بيئة تطوعية محفزة للعمل التطوعي شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا في قطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك الخدمات الإسعافية التي تُعدّ من أهم الركائز لضمان سلامة المواطنين والمقيمين. ويأتي هذا التطور تماشيًا مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتوفير خدمات صحية ذات مستوى عالمي يعكس تطور الخدمات الإسعافية الاهتمام بتعزيز سرعة الاستجابة للحوادث والطوارئ وضمان توفير الرعاية الأولية في الوقت المناسب. وبالبداية أنشئت في المملكة جمعية باسم جمعية الهلال الأحمر السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم 1 في 16 /1 /1383ه مركزها الرئيس الرياض، ويشمل نشاطُها جميع أنحاء المملكة، وفي 24 /12 /1429ه صدر عن مجلس الوزراء قرار يقضي بتحويل مسمى جمعية الهلال الأحمر السعودي إلى هيئة الهلال الأحمر السعودي. وتقوم الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها بالمهام التالية الاستعداد والعمل في زمن السلم والحرب بصفتها مساعدة للإدارات الطبية في القطاعات العسكرية على سبيل التعاون والتكامل لمصلحة جميع -ضحايا الحروب المدنيين والعسكريين في جميع الأحوال المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لها لعام 1977م، ويشمل ذلك على وجه خاص ما يلي نقل الجرحى والمرضى، وإنشاء وتشغيل مستشفيات الهلال الأحمر السعودي في المواقع التي تحددها القيادة العسكرية، وتوفير وسائل نقل ومساعدة ضحايا الحرب، والتوسط في تبادل المراسلات الخاصة بأسرى وضحايا الحرب، والعمل على توفير وتخزين وسائل ومعدات الإيواء والأدوية وجميع ما يلزم لعلاج المرضى والجرحى والعناية بالأسرى، وتمثيل المملكة أمام الجهات الدولية المختصة بوصفها الجهة الوحيدة التي تمثل الهلال الأحمر في المملكة، وتقديم الخدمات الإسعافية الطبية بوصفها المقدم الرئيس لهذه الخدمة في المملكة، ويشمل ذلك النقل الإسعافي، والخدمات الصحية لمرحلة ما قبل المستشفى للمرضى والمصابين في الحوادث والكوارث، والاستعداد والاستجابة لحالات الكوارث، وكذلك الإسهام في تقديم خدمات الإغاثة داخل المملكة وفقاً للخطة الوطنية المعتمدة المنظمة لذلك، إضافةً الى المساهمة في تقديم الإغاثة السعودية ومساعدة ضحايا الكوارث خارج المملكة. أحدث التقنيات بدأت الخدمات الإسعافية في المملكة العربية السعودية عام 1354ه (1935م) والآن أصبحت هيئة تواكب أحدث التقنيات والابتكارات التي تدعم خدماتها الإسعافية والإنسانية، وتواكب الهيئة التطورات التكنولوجية التي تُسهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمجتمع، إلى جانب تعزيز الوعي بأهمية الإسعافات الأولية والتدريب المجتمعي في حالات الطوارئ. وتسعى الهيئة لإبراز دورها في الرعاية الصحية والإسعافات الطارئة، مع التركيز على الابتكار التقني والرقمنة لتقديم خدمات إسعافية فعالة وبأعلى جودة, وتعزيز الوعي الصحي وتثقيف المجتمع حول أهمية الإسعافات الأولية والاستعداد للطوارئ، كما تسعى دائمًا لتعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص من خلال التعاون في توفير الرعاية الصحية والإسعافية، تحقيقًا لرؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وزيادة الوعي المجتمعي في مواجهة الأزمات والحالات الطارئة. وتوسعت الهيئة في تقديم الخدمات الطبية الإسعافية الطارئة في جميع أنحاء المملكة، بما في ذلك الإسعاف الجوي والأرضي، وتقديم الخدمات الطبية والإسعافية لحجاج بيت الله الحرام، بالإضافة إلى المشاركة في الأعمال الإغاثية داخل المملكة وخارجها. خدمات متكاملة وتقوم الهيئة بتقديم الخدمات الطبية الإسعافية الطارئة والسريعة بكفاءة وفاعلية للمواطنين والمقيمين في المملكة في الظروف العادية والكوارث، والاسهام في رفع مستوى الوعي الصحي، وتشارك الهيئة في أعمال الإغاثة داخل المملكة وخارجها. وتقدم الهيئة خدماتها بما يتفق مع القيم والتعاليم الإسلامية والأصول المهنية ونظامها الأساسي، وتحرص الهيئة على إبراز دورها الإنساني وتوطيد العلاقة مع الجمهور والجهات الحكومية والاهلية ذات العلاقة بنشاط الهيئة محلياً وعالمياً، وتهتم الهيئة بالحفاظ على منتسبيها بتدريبهم وتأهيلهم وتحفيزهم، ومن الخدمات التي تقدمها هيئة الهلال الأحمر السعودي إتاحة الفرصة للمتطوعين، حيث خصصت منصة للتطوع وهي خدمة إلكترونية تقدمها الهيئة والتي توفر بيئة تطوعية محفزة للعمل التطوعي في مجالات هيئة الهلال الأحمر الصحية والإنسانية والإغاثية المختلفة، بالإضافة إلى وضع الخطط والبرامج للنهوض بالعمل التطوعي وتحقيق رؤية المملكة، كما تتيح للأفراد الراغبين بالتطوع تقديم طلبات التطوع للالتحاق بالفرص المتوفرة، والتي تتناسب مع قدراتهم وتوفير برامج تدريبية وتثقيفية لاكتساب مهارات جديدة للتعامل مع الحالات الإنسانية المختلفة، وتنوعت مجالات التطوع بين رياضية، تعليمية، بيئية، إعلامية، إدارية، إسعافية، وإنسانية، مما يعكس التنوع والشمولية في الأنشطة التطوعية التي تقدمها الهيئة. استجابات سريعة وتُعد هيئة الهلال الأحمر السعودي من أبرز الجهات التي دمجت بين تقديم الخدمات الإسعافية وتعزيز العمل التطوعي، ما أسهم في تطوير منظومة الرعاية الصحية الطارئة في المملكة، وأسهمت منصة التطوع التي أطلقتها الهيئة لتسهيل انضمام المتطوعين والمشاركة في مختلف الأنشطة. وتتيح هذه المنصة للمستفيدين التسجيل في مجالات الهيئة المتنوعة، مثل الخدمات الإسعافية، التوعية الصحية، وتنظيم الفعاليات. وتقدم الهيئة برامج تدريبية متخصصة للمتطوعين، تشمل الإسعافات الأولية والتعامل مع الحالات الطارئة، لضمان جاهزيتهم وكفاءتهم في الميدان. كما توفر شهادات معتمدة بعد اجتياز الدورات التدريبية، مما يعزز من فرصهم في الحصول على وظائف مستقبلية، ويشارك المتطوعون بفعالية في تغطية المناسبات الوطنية والدينية، مثل موسم الحج والعمرة، حيث يسهمون في تقديم الخدمات الإسعافية والتوعوية للحجاج والمعتمرين، كما يشاركون في تنظيم الفعاليات الرياضية والتعليمية والبيئية، مما يعزز من دور الهيئة في المجتمع. وسبق وأن وقّعت الهيئة مذكرات تعاون مع جمعيات صحية، مثل جمعية غوث الصحية، لتعزيز تقديم الإسعافات الأولية وخدمات البحث والإنقاذ في المواقع الوعرة، مما يوسع نطاق الخدمات المقدمة ويعزز من فعالية الاستجابة للحالات الطارئة. ومن خلال هذه الجهود، نجحت هيئة الهلال الأحمر السعودي في دمج الخدمات الإسعافية مع العمل التطوعي، ما أسهم في تعزيز الوعي الصحي، ورفع مستوى الجاهزية للطوارئ، وتطوير قدرات المتطوعين لخدمة المجتمع بكفاءة عالية. تطورات تكنولوجية وقد شهدت المملكة تطورًا ملحوظًا في الخدمات الإسعافية بفضل تبني التقنيات الحديثة، ما أسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وسرعة الاستجابة للحالات الطارئة. وتُعد هذه التطورات جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتوفير خدمات صحية متقدمة للمواطنين والمقيمين. ولدى هيئة الهلال الأحمر السعودي مركبات مجهزة بأحدث التقنيات الطبية لتسريع الاستجابة للحالات الطارئة وتقليل زمن الرحلات الإسعافية، ومن بين المركبات، تلك التي كشفت عنها في فعاليات ملتقى الصحة العالمي 2024 في الرياض، وسلطت الضوء على أحدث التقنيات والابتكارات التي تدعم خدماتها الإسعافية والإنسانية. وفيما يلي أبرز هذه التطورات: المركبات الإسعافية المتطورة، حيث سبق واستعرضت هيئة الهلال الأحمر السعودي مركبات إسعافية مجهزة بأحدث التقنيات الطبية لتسريع الاستجابة وتقليل زمن الرحلات الإسعافية، ومن بين هذه المركبات، تبرز مركبة "طويق" التي تتسع لعشرة مصابين ومزودة بأنظمة مراقبة فورية لحالة المرضى. ومركبة «ضمك» المصممة للاستجابة التكتيكية للحوادث ذات المخاطر الأمنية العالية، بهدف حماية المسعفين خلال أداء مهامهم، بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم مركبة «سند» التي تعمل على توفير التموين والإمدادات الطبية في الطوارئ الكبرى، ومركبة «سلمى» المخصصة للتعامل مع الحوادث التي تشمل مواد خطرة مثل المواد الكيميائية والإشعاعية لضمان سلامة المستجيبين، كما تم العمل على تطبيقات الهواتف الذكية، وقد أسهم تطبيق "أسعفني" في إنقاذ حياة آلاف الأشخاص ما يعكس فعالية استخدام التطبيقات الرقمية في تحسين الاستجابة للحالات الطارئة. استراتيجيات مستقبلية كما أطلقت الهيئة الاستراتيجيات المستقبلية التي تتضمن 56 مبادرة و170 مشروعًا، بهدف تطوير وتحسين جودة الخدمات الطبية الإسعافية، وتطوير البنية التحتية والتنظيمية، وتعزيز الاستدامة المالية، وتطوير الخدمات الإنسانية والمجتمعية. ويتم التعاون مع الشركات التقنية لتطوير الرحلة الإسعافية الرقمية، بهدف تقديم خدمات التحول الرقمي وتحقيق التكامل في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، ما يسهم في رفع مستوى الخدمات الإسعافية. كما تم إجراء تحسينات على خدمات الإسعاف الجوي، وتم إطلاق اسم الدرعية على أول طائرة بعد عودة الخدمة، ما يعزز القدرة على الوصول السريع إلى الحالات الطارئة في المناطق النائية. وتُعدّ خدمات الإسعاف الجوي في المملكة العربية السعودية جزءًا حيويًا من منظومة الرعاية الصحية الطارئة، حيث تسهم في نقل المرضى والمصابين بسرعة وكفاءة، خاصة في الحالات الحرجة والمناطق التي يصعب الوصول إليها بوسائل النقل التقليدية. وسبق أن وقّعت هيئة الهلال الأحمر السعودي اتفاقية مع صندوق الاستثمارات العامة، لإطلاق خدمة الإسعاف الجوي في المملكة. تهدف هذه الشراكة إلى رفع جودة وكفاءة الخدمات الإسعافية، مما يسهم في سرعة إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة. وبدأت الخدمة في منطقة الرياض، مع خطط لتوسيعها تدريجيًا لتشمل بقية مناطق المملكة. وتتضمن الخدمة نقل مصابي حوادث الطرق السريعة والحالات الحرجة بين المستشفيات، بالإضافة إلى الاستجابة للحالات الطارئة في الأماكن المزدحمة أو التي يصعب وصول سيارات الإسعاف إليها.وتُسهم طائرات الإسعاف الجوي في تقديم الخدمات الإسعافية لضيوف الرحمن خلال موسم الحج، حيث تتواجد في المناطق المحيطة بالحرم والمشاعر المقدسة للوصول السريع إلى الحجاج وتقديم الرعاية الطبية اللازمة. ويعمل الإسعاف الجوي على مدار الساعة، مما يعزز من جاهزية الاستجابة للحالات الطارئة في مختلف مناطق المملكة، وتسعى المملكة من خلال هذه الجهود إلى تعزيز جودة الخدمات الصحية وتوفير الرعاية الطبية الطارئة بكفاءة عالية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030. بنية تحتية وشهدت الخدمات الإسعافية بالمملكة تطورات رئيسة في الخدمات الإسعافية وبالذات تطوير البنية التحتية، فقد توسعت شبكة الإسعاف في جميع أنحاء المملكة، حيث تم إنشاء مراكز إسعافية جديدة تغطي المدن الكبرى والمناطق النائية، وتم تزويد المراكز الإسعافية بأحدث المعدات الطبية والتقنيات الحديثة، للإسهام في رفع كفاءة الخدمات، وتطوير نظام النقل الإسعافي الجوي باستخدام طائرات الإسعاف المجهزة بأحدث التقنيات الطبية، والكوادر الطبية والتدريب، حيث استقطبت المملكة كوادر طبية متخصصة ومدربة في التعامل مع مختلف حالات الطوارئ، كما أطلقت الهيئة برامج تدريبية محلية ودولية لتأهيل المسعفين وتعزيز مهاراتهم في الاستجابة السريعة. وتم اعتماد تقنيات المحاكاة الطبية في التدريب لتجهيز الكوادر للتعامل مع مختلف السيناريوهات، وواكبت الهيئة التحول الرقمي بإطلاق منصات رقمية متقدمة مثل تطبيق "أسعفني" التابع للهلال الأحمر السعودي، الذي يتيح للمستخدمين طلب الإسعاف بسهولة وسرعة، ودمج تقنيات تحديد المواقع الجغرافية (GPS) لتسريع عملية الوصول إلى مواقع الحوادث، وتطوير أنظمة الاتصال الفوري بين مراكز الإسعاف والمستشفيات لتنسيق نقل الحالات الحرجة، والتعاون بين الجهات الحكومية والخاصة لتعزيز الشراكات بين هيئة الهلال الأحمر السعودي ووزارات الصحة والنقل والداخلية لضمان تكامل الخدمات، وإشراك القطاع الخاص من خلال توفير خدمات الإسعاف في الفعاليات الكبرى والمواسم السياحية. كما حسنت الهيئة من قدرة الاستجابة السريعة، وتحسن زمن استجابة الخدمات الإسعافية بشكل ملحوظ، حيث انخفض إلى متوسط يتراوح بين 8-12 دقيقة في المدن الكبرى، وهو زمن قياسي مقارنة بالمعايير العالمية، وفي المناطق النائية تم تعزيز القدرة على الاستجابة من خلال نشر فرق إسعافية متنقلة وسيارات دفع رباعي مجهزة، وأسهمت خدمات الإسعاف الجوي في تقليص زمن الاستجابة في الحالات الحرجة، خاصة في المناطق ذات التضاريس الصعبة، وتم تجهيز الطائرات بأحدث المعدات الطبية. خدمات إسعافية بمدن ذكية تطوير للخدمات اهتمام طبي متطور