فنانة مسرحية صاحبة صولات وجولات، فقدت بريقها مع مرور الزمن عندما كبرت في العمر، فأصبحت حارسة على بوابات المسرح الذي كانت تمثل فيه ومنه سطع نجمها وعرفها الجمهور، أصحبت تعيش وحيدة وفي عزلة بغرفتها الصغيرة بذكرياتها الماضية، وبعد مضي سنوات تعرف عليها أحد الصحفيين ويحاول إعادتها للمسرح واستعادة مجدها المفقود، وبعد محاولات عدة اصطدمت الفنانة بحقيقة مرة ومؤلمة تمثلت في أن المسرح لم يعد عملة رائجة في الوقت الحالي، الأمر الذي أدى إلى أسباب انحسار المسرح في المجتمع، هذه الفنانة اسمها (كريمة) ظلت متمسكة بمبادئها المسرحية ومعتزة بتاريخها الفني لكن عنادها أدى بها أن تصبح حارسة على أبواب المسرح، القصة كتبها للمسرح بالحوار والحدث والشخصيات الكاتب عباس الحايك بعنوان (حارسة المسرح) ليخرجها أمام جمهور مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية (15 26 ديسمبر 2024) المخرج نايف العباد، الذي نسج بحرفة خيوط النص برؤية فنية إخراجية بارعة وتحريكه المتقن للشخصية الرئيسة في العمل كريمة، حيث جسدت شخصية كريمة الفنانة السعودية فاطمة الجشي الحائزة على جائزة أفضل ممثلة دور أول بالمهرجان، وقد شهدت المسرحية «حارسة المسرح» كعرض أول ضمن عروض المهرجان بمساره الاجتماعي، شهد حضوراً واسعاً من الجمهور خاصة من الفنانين والكتاب والمخرجين والمنتجين في مجال المسرح والتلفزيون والسينما، الممثلة فاطمة جسدت درور كريمة باقتدار عبرت من خلال أدائها عن حالة الوحدة والعزلة التي تعاني منها أي فنانة لا تساير الزمن، كذلك قدمت مقاربة بين الصورة المثالية عن المسرح ومضمونه الثقافي وعن واقع الحالة المسرحية التجارية المعاصرة، وهنا يتجه الشكر إلى للكاتب عباس الحايك على نصه حارسة المسرح كنص جميل وإن كانت فكرة النص عالمية ومطروحة في كثير من الأعمال المسرحية العربية، ولا يغاب الشكر عن جميع طاقم العمل من ممثلين وفني إضاءة وصوت، يتقدمهم المخرج نايف العباد الذي أظهر وفريقه العرض المسرحي أنيقاً وبسيطاً دون تعقيد، وهذا ما جعل المسرحية تستحق جائزة أفضل عرض متكامل من لجنة التحكيم بالمهرجان، كيف لا تستحق المسرحية جائزة أفضل عرض متكامل وهي التي حملت مقاربة بين المسرح كصناعة والاتجاه المعاكس في المسرح كقيمة ثقافية وفنية، كما أن أداء الممثلين خاصة شخصيتي كريمة وسامر جاء منهما أداء تمثيلي بشكل رائع وتناغم دقيق في التسليم والاستلام في الحوار بينهما، ولا ننسى السينوغرافيا والتي كانت حاضرة من خلال صناعة توافق جيد بين الصورة والموسيقى، أدى هذا إلى تكوين بعض الصور الجمالية والدلالية، كذلك الإضاءة كانت أجمل بين الانتقالات التي حدثت وبدقة متناهية مع الأداء الموسيقي المعبر والأزياء التي كانت في مكانها الصحيح خادمة للعرض.