استكشاف واستغلال الموارد التعدينية بشكل مستدام وممنهج يمثل قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية مستقبلًا واعدًا، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز دور هذا القطاع كأحد محركات الاقتصاد الوطني. ومن خلال تنفيذ خطط رؤية 2030، بما في ذلك تطوير التكنولوجيا، وجذب الاستثمارات، وتحقيق الاستدامة. وتسعى المملكة لتحقيق مكانة بارزة كأحد أكبر الدول المنتجة والمصدرة للمعادن على مستوى العالم. ويشهد قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا بفضل الرؤية الطموحة 2030، التي تهدف إلى جعله الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني بعد النفط والغاز، ومع تنامي الاهتمام العالمي بالمعادن الاستراتيجية والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، تُعد المملكة في موقع استراتيجي للاستفادة من ثرواتها المعدنية الهائلة وتوسيع دورها في الأسواق العالمية. وتهدف الرؤية المستقبلية للتعدين في المملكة إلى رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وتستهدف المملكة من خلال رؤيها رفع قطاع التعدين إلى 300 مليار ريال بحلول 2030 ويعد هذا المستهدف أعلى بنسبة 2400 % مقارنة بالمحقق مع نهاية عام 2023 والبالغ 12.8 مليار ريال. وتوفير حوالي 220,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع التعدين، وتنويع الموارد الاقتصادية كتخفيف الاعتماد على النفط من خلال تطوير الصناعات التعدينية، وتعزيز الصناعات التحويلية المرتبطة بالتعدين مثل صناعة الألمنيوم، الفوسفات، والطاقة المتجددة، إضافة لتحقيق الاستدامة من خلال تعزيز الاستخدام المستدام للموارد المعدنية مع الالتزام بحماية البيئة ودعم الابتكار والتكنولوجيا لتقليل الأثر البيئي لعمليات التعدين. «استكشاف وتأسيس» بدأت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها بالعمل على استكشاف واستغلال الموارد التعدينية بشكل مستدام وممنهج، وكانت الحقبة الأولى ما قبل الطفرة النفطية (1930 - 1970)، وكانت الجهود الاستكشافية في بدايتها بسيطة ومحدودة بسبب قلة التقنيات، وتم التركيز بشكل أساسي على الذهب، حيث أُعيد استكشاف مناجم قديمة مثل منجم مهد الذهب. وأسست المملكة في عام 1935 مصلحة الأشغال العامة التي عملت على دراسة المعادن السطحية. والحقبة الثانية هي الطفرة النفطية وما بعدها (1970-2000)، وتم تأسيس وزارة البترول والثروة المعدنية في عام 1960 لتنظيم أعمال الاستكشاف والتعدين. وتم إطلاق مشاريع بحثية بالتعاون مع شركات عالمية للبحث عن المعادن الأساسية والنادرة، وانطلقت بداية استغلال خامات البوكسايت والفوسفات على نطاق واسع في السبعينيات، بعد ذلك تم تأسيس شركة معادن عام 1997 كشركة وطنية معنية بتنظيم قطاع التعدين والاستثمار فيه. وفي الحقبة الثالثة بدأت مرحلة التوسع الاستراتيجي (2000-2015) وتم العمل على تطوير البنية التحتية للقطاع من خلال مشاريع مثل مدينة رأس الخير الصناعية، وجذب الاستثمارات الأجنبية عن طريق فتح القطاع التعديني للمستثمرين الدوليين، وتم تحقيق إنجازات كبيرة في استخراج وتصنيع المعادن الصناعية مثل الألمنيوم والفوسفات. وفي الحقبة الرابعة عهد رؤية 2030 ومع إطلاق رؤية 2030، شهد قطاع التعدين نقلة نوعية من حيث الاستراتيجيات والتنظيمات، وكان التحول الاستراتيجي بإطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية والتركيز على تحويل التعدين إلى ركيزة اقتصادية ثالثة، وتحديث أنظمة الاستثمار التعديني لتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين. وتمثل الثروات المعدنية في المملكة العربية السعودية أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ومع الجهود المستمرة منذ تأسيس المملكة وحتى عهد رؤية 2030، أصبح قطاع التعدين محركًا رئيسيًا لتنويع الاقتصاد، وتحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص جديدة للنمو. «عوامل قوة» وتمتلك المملكة ثروات معدنية ضخمة، وسبق أن كشف تقرير صادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية أن الثروات المعدنية في المملكة تنتشر في أكثر من 5,300 موقع، ويُقدر إجمالي قيمة الموارد المعدنية بالمملكة بحوالي 5 تريليونات ريال سعودي، بما في ذلك عدد من المعادن الأكثر وفرة مثل: الذهب، والفضة، والنحاس، والزنك، والفوسفات، والبوكسايت، والحجر الجيري، ورمل السيليكا، والفلسبار، وصخور الزينة المستخدمة في واجهات المباني مثل: الجرانيت وغيرها من المعادن الأخرى. ويدعم ذلك موقعها الاستراتيجي حيث تقع المملكة على مفترق طرق التجارة العالمية، مما يُسهل تصدير المعادن والمواد الخام للأسواق الدولية، إضافة إلى ذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لتحليل البيانات الجيولوجية والتنقيب، وتعمل المملكة على تطوير مراكز متخصصة في الابتكار الصناعي لدعم التعدين، ولديها برنامج لتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية والتركيز على تعزيز الترابط بين قطاع التعدين والصناعات الأخرى. وتسعى المملكة على تطوير البنية التحتية، بما في ذلك الموانئ والطرق والمصانع، وتعمل على انتاج المعادن الاستراتيجية والطاقة المتجددة لمواكبة زيادة الطلب العالمي على المعادن النادرة مثل الليثيوم والنيكل المستخدمة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة الشمسية، وتستهدف المملكة أن تصبح مركزًا عالميًا لتصدير هذه المعادن. «تطوير التعدين» وتعمل المملكة على تطوير قطاع التعدين كجزء من رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. وقد أطلقت المملكة العديد من المبادرات لتطوير قطاع التعدين واستغلال الثروات المعدنية الغنية فيها. من أبرز هذه المبادرات، برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) ويهدف إلى تحويل السعودية إلى قوة صناعية رائدة ومركز لوجستي عالمي. ويتضمن البرنامج تطوير قطاع التعدين واستغلال الموارد المعدنية، وإطلاق نظام الاستثمار التعديني الجديد (2021)، ويوفر إطارًا قانونيًا وتنظيميًا واضحًا لجذب الاستثمارات في قطاع التعدين. ويهدف إلى تسهيل إجراءات التراخيص وضمان الشفافية والاستدامة، وتهدف الاستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين إلى تحقيق مساهمة قطاع التعدين ب 64 مليار دولار في الناتج المحلي بحلول 2030، والتركيز على تطوير المعادن الاستراتيجية مثل الذهب والفوسفات والبوكسايت والنحاس، ويعد المسح الجيولوجي الوطني مبادرة لتوفير بيانات جيولوجية دقيقة عن الموارد المعدنية في المملكة. ويشمل دراسة مواقع المعادن وإصدار تقارير للمستثمرين عن الفرص المتاحة، كما سعت المملكة لتطوير البنية التحتية التعدينية بإنشاء مدينة وعد الشمال الصناعية كمركز عالمي لصناعة الفوسفات والمعادن، وتطوير موانئ وطرق ومرافق لدعم تصدير المنتجات المعدنية، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية بجذب شركات عالمية للاستثمار في التعدين من خلال حوافز مثل الإعفاءات الضريبية، ودعم الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة للعمل في قطاع التعدين. «مؤتمر التعدين» وتعقد المملكة مؤتمراً للتعدين الدولي، وهو مؤتمر تنظمه وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، بمشاركة الحكومات والمستثمرين والمؤسسات المالية ومقدمي الخدمات والمصنعين، يختص بمناقشة واقع ومستقبل قطاع التعدين في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشمال أفريقيا. وتهدف المملكة من خلال عقد المؤتمر إلى خلق منصة تعاون بين دول المنطقة لرسم خطة عمل مستقبلية تعمل على تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع والاقتصاد من خلال زيادة فاعلية ومساهمة قطاع التعدين، والاستفادة منه ليكون محركًا اقتصاديًّا رئيسًا في دول المنطقة، انطلاقًا من أهمية قطاع التعدين في العالم، وتأثيره على الاقتصاد، وأثره في مستقبل العديد من الصناعات ذات الأهمية في الحياة اليومية. ويهدف إلى تعزيز الشراكات العالمية في القطاع، والالتزام بالاستدامة البيئية والتركيز على التعدين المستدام وتقليل الأثر البيئي، مع الالتزام بالمعايير البيئية العالمية. وتسعى المملكة لتدريب وبناء القدرات البشرية بإطلاق برامج تدريبية لتأهيل الكوادر السعودية للعمل في قطاع التعدين، والشراكة مع الجامعات والمعاهد لتطوير برامج تعليمية متخصصة. كما تعمل المملكة على التحول الرقمي في التعدين باستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتحسين عمليات التعدين، وتبني تقنيات الاستكشاف عن بعد لتحديد مواقع المعادن بدقة، وتهدف هذه المبادرات إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا في قطاع التعدين، وتعظيم القيمة المضافة من مواردها المعدنية «مبادرات مستقبلية» ومن المبادرات المستقبلية التي عملت عليها المملكة مدينة «وعد الشمال» وهي مركز صناعي متكامل لتعدين الفوسفات والصناعات التحويلية، وتساهم في تطوير صناعة الأسمدة ومشتقاتها، واستكشاف المعادن النادرة من خلال تعزيز الاستكشاف في مناطق الدرع العربي الغنية بالمعادن الأساسية والنادرة. وجذب الاستثمارات الأجنبية لاستغلال المعادن الاستراتيجية مثل الكوبالت والليثيوم، وتحفيز هذه الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتحسين اللوائح والأنظمة المتعلقة بالاستثمار في قطاع التعدين، وتقديم حوافز للمستثمرين مثل الإعفاءات الضريبية وتقليل الإجراءات البيروقراطية. كما تعمل المملكة على التوسع في التعدين الذكي باعتماد تقنيات التعدين الذكي لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف وتطوير تقنيات استخراج صديقة للبيئة. وتواجه المملكة تحديات مستقبلية وتعمل على إيجاد الحلول، ومن تلك التحديات التنافسية العالمية ومنها: المنافسة الشديدة مع الدول الأخرى الغنية بالموارد المعدنية، التقلبات في أسعار المعادن، تأثر الأسواق العالمية بعوامل اقتصادية، وسياسية تؤدي إلى تقلبات الأسعار، وكذلك الحفاظ على البيئة، فتسعى المملكة على التقليل من التحديات البيئية الناتجة عن التعدين مثل تلوث المياه والأراضي. كما تسعى المملكة لإعداد الكوادر المؤهلة والحاجة إلى تدريب وتأهيل العمالة الوطنية لتلبية احتياجات القطاع، ومن الحلول تعزيز البحث والتطوير، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار لتحسين عمليات التعدين وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الشراكات الدولية بالتعاون مع الشركات العالمية للاستفادة من خبراتها في مجالات التعدين. كما تعمل المملكة على الالتزام بالمعايير البيئية من خلال تطبيق تقنيات صديقة للبيئة وتقليل الأثر البيئي لعمليات التعدين، وتسهم بشكل كبير في مجال التعليم والتدريب بإنشاء معاهد تدريب متخصصة لتأهيل الكوادر المحلية في قطاع التعدين، والأثر المتوقع لمستقبل التعدين في المملكة التأثير الاقتصادي من خلال تحقيق نمو اقتصادي مستدام وزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي، وتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. والعمل على التنمية الاجتماعية بتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين في المناطق النائية، وتطوير المجتمعات المحيطة بمشاريع التعدين من خلال بناء بنية تحتية حديثة، والتأثير البيئي بتعزيز الممارسات البيئية المستدامة، وتطوير تقنيات استخراج مبتكرة وصديقة للبيئة. رقابة صارمة على الالتزام البيئي