في عالمنا العربي، هناك كلمات تقال بلا حساب، تحمل بين طياتها معاني مختلفة، لكنها في النهاية لا تعني شيئًا. واحدة من هذه الكلمات هي "يا أخي". كلمة تطلقها الأفواه في أي وقت، في أي ظرف، وكأنها علاج سحري لكل مشكلة، وسور واقٍ من كل أذى. لنأخذ مثلًا ما يحدث في أي تجمع اجتماعي. إذا قال أحدهم: "يا أخي، والله تعبت من الحياة!"، فإن الرد المتوقع هو "يا أخي، الحياة كده!" وكأن هذه الكلمة السحرية يمكن أن تحول الإحباط إلى طاقة إيجابية، أو على الأقل تمنح الشخص شعورًا بأنه قد تم فهمه. لكن الحقيقة أن "يا أخي" ليست سوى تعبير عن التراخي الفكري، محاولة لتخفيف التوتر دون فعل شيء حقيقي. ثم هناك الاستخدام الأكثر شهرة، "يا أخي، عيب عليك!"، وهذه الجملة تتردد في البيوت والمقاهي والمكاتب كأنها دروس في الأخلاق، بينما في الواقع، لا تقدم أي حل سوى إلقاء اللوم على الشخص المقابل دون محاولة إصلاح المشكلة. "يا أخي" تحولت إلى نوع من الإغلاق المريح للنقاشات، تساوي الاستسلام وتكتم الأفواه. تخيل أن "يا أخي" تُستخدم لحل كل شيء. تحب شخصًا؟ "يا أخي". مررت بموقف محرج؟ "يا أخي". أفكارك مشوشة؟ "يا أخي". وكأن هذه الكلمة تملك القدرة على أن تكون الطبطبة اللطيفة على الجرح الذي لا يلتئم. إذا كنت لا تستطيع أن تقول شيئًا ذا معنى، فقط قل "يا أخي"، وواصل حياتك، فهي الكلمة التي لا تتطلب مجهودًا فكريًا، لكنها تُشبع حاجتك في لحظات الضعف. قد تكون مثلنا في النهاية، نردد كلمات لا معنى لها، فقط لأنها تريحنا وتخدعنا بأننا فعلنا شيئًا.